أما الأول : فلأنها بالإضافة إليه كالعامّ المخصّص حجة في الباقي.
وأما الثاني : فلعدم منافاته الاستدلال باحتماليه ؛ لإمكانه بالأولوية على الاحتمال الأول ، والعموم أو الإطلاق على الثاني ، ونحن نقول به ، وفاقا للمشهور بين المتأخرين وغيرهم ، ومنهم الماتن لقوله ( ولو أقام في بلده أو غير بلده ذلك ) أي مقدار عشرة أيام ( قصّر ) لصريح المرسلة المتقدمة المنجبرة هنا أيضا بالشهرة.
وإطلاقها ـ كالعبارة والرواية الآتية ـ وإن اقتضى الاكتفاء في غير البلد بإقامة العشرة ولو من غير نية ، إلاّ أن ظاهرهم تقييدها فيه بالنية ، بل ادّعى عليه الإجماع جماعة ، ومنهم شيخنا في روض الجنان (١) ، وخالي العلاّمة المجلسي رحمهالله فيما نقله عنه خالي المعاصر ـ أدام الله ظلّه ـ وأيّده قائلا : إنه ربما يظهر ذلك ويظنّ به من اتّفاق فتاويهم (٢).
ثمَّ أيّد الحكم المزبور وإلحاق العشرة الحاصلة بعد التردد ثلاثين يوما ـ كما فعله جماعة منهم الشهيدان (٣) ـ بقوله : مع أنه ظهر ممّا مرّ أن العشرة إذا صارت منويّة تصير بمنزلة الحضور ، وإن لم تكن منويّة لا تصير كذلك إلاّ بعد مضيّ ثلاثين يوما ، وربما ظهر ممّا ذكرنا أن اعتبار هذه الإقامة للإخراج عن كثير السفر ، والعشرة الغير المنويّة سفر أيضا.
إلى أن قال ـ بعد نقل إلحاق العشرة بعد التردد ثلاثين يوما عن الشهيد ـ : ولعلّه لعموم المنزلة التي ظهرت لك ؛ إذ بعد التردد ثلاثين يوما يصير بمنزلة الوطن ، وإذا أقام في الوطن عشرة أيام صارت إقامته موجبة للقصر فكذا هنا ، ومقتضى عموم المنزلة عدم اعتبار قصد الإقامة في هذه العشرة ، ولذا أفتى به
__________________
(١) روض الجنان : ٣٩١.
(٢) شرح المفاتيح للوحيد البهبهاني ( مخطوط ).
(٣) الشهيد الأول في الدروس ١ : ٢١٢ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٣٩١.