خلافا للأكثر ـ ومنهم الماتن ـ فقالوا ( وتستحب ) الصلاة ( على من لم يبلغ ذلك ) أي الستّ سنين ( ممّن ولد حيّا ) مستهلا ؛ عملا بعموم النصوص المتقدمة للإسكافي سندا ، وفيه ما مضى ، إلاّ أن يذبّ عنه بالمسامحة في أدلة السنن والكراهة ، خروجا عن شبهة الخلاف فتوى ورواية ، وليس فيه تشبّه بالعامة بعد الاختلاف في النية ، ومعه لا مشابهة ولا بأس به.
( و ) أما الثاني : فاعلم أنه يجب أن ( يقوم بها ) أي بهذه الصلاة كسائر أحكام الميت ( كلّ مكلّف على الكفاية ) إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، وإن لم يقم به أحد استحقوا بأسرهم العقاب ، بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهى (١) ، وقد نقل جماعة أيضا الإجماع عليه (٢) ؛ لأن الغرض إدخالها في الوجود ، وهو يحصل بالوجوب الكفائي.
وربما ينافيه توجه الخطاب في النصوص بأكثر أحكامه إلى الولي ؛ إذ مقتضاه الوجوب العيني عليه ، كذا قيل (٣).
وفيه نظر : فإنّ الخطاب فيها وإن توجه إلى الولي إلاّ أن مقتضاه هنا ليس الوجوب العيني ، لوقوع التصريح في جملة منها بجواز أمره غيره بها (٤) ، وهو خلاف ما يقتضيه الوجوب العيني من لزوم مباشرة المكلّف للمكلّف به بنفسه ، فجواز أمر الغير به دليل على أن المقصود من تخصيص الولي بالخطاب إثبات أولويته به كما فهمه الأصحاب ، حيث قالوا مع حكمهم بالوجوب الكفائي :
__________________
(١) المنتهى ١ : ٤٤٣.
(٢) منهم : المحقق في المعتبر ١ : ٢٦٤ ، والعلامة في النهاية ٢ : ٣٣ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٢٧.
(٣) الحدائق ١٠ : ٣٨٧.
(٤) الوسائل ٣ : ١١٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٣ ح ١ ، ٢.