كلّ ذلك على الأقوى ، وفاقا لجماعة (١). خلافا لآخرين (٢) ، فاكتفوا بها جملة أو ببعضها على اختلاف لهم ؛ لوجوه اعتبارية لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية.
ثمَّ إنّ المتبادر من الخروج المعلّق عليه القصر بعد التمام في الخبر إنما هو الخروج إلى المسافة لا دونها ، بشهادة السياق ؛ مضافا إلى ما مرّ من الاتفاق على جعل الإقامة عشرا من القواطع ، وكون البلد بها بمنزلة الوطن.
ومقتضى ذلك أنه لو سافر لدون المسافة أتمّ مطلقا ، سواء قصد العود إلى محل الإقامة وعزم على إقامة عشرة مستأنفة كما هو إجماع ، أو لم يقصد العود إليه أصلا ، أو قصده ولم يعزم على المقام عشرا ثانيا ، سواء عزم على إقامة ما أم لا.
ولكن ظاهر الأصحاب ـ كما قيل (٣) ـ في الصورة الأولى الاتفاق على القصر ذهابا وإيابا وإن اختلفوا في ثبوته بمجرّد الخروج أو بعد الوصول إلى حدّ الترخّص ـ كما هو الأقوى على تقدير ثبوت القصر بالإجماع المحكي ـ أو تقييده بما يأتي ؛ لعموم المنزلة المتقدمة.
وأما الصورة الثانية فظاهر المشهور فيها أيضا وجوب القصر وإن اختلفوا في إطلاقه بمجرد الخروج أو بعد بلوغ حدّ الترخّص ، أو تقييده بحال الإياب خاصة. وعلى الأول الشيخ والحلّي والعلاّمة (٤) ، وعلى الثاني الشهيدان
__________________
(١) منهم : صاحب المدارك ٤ : ٤٦٤ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤١٢ ؛ وانظر الحدائق ١١ : ٤٢١.
(٢) انظر : التذكرة ١ : ١٩٣ ، ونهاية الإحكام ٢ : ١٨٥ ، والتنقيح ١ : ٢٩٤ ، وروض الجنان : ٣٩٥.
(٣) الحدائق ١١ : ٤٨٤.
(٤) الشيخ في المبسوط ١ : ١٣٨ ، الحلّي في السرائر ١ : ٣٤٥ ، العلامة في المنتهى ١ : ٣٩٨.