(كُنْتُ تُراباً ، أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ) فإذا وجد الشرط ، والسبب ، وارتفع المانع جاز الإدغام فإن كانا مثلين : أسكن الأول ، وأدغم في الثاني ، وإن كانا غير مثلين : قلب كالثاني ، وأسكن ، ثم أدغم ، وارتفع اللسان عنهما دفعة واحدة من غير وقف على الأول ، ولا فصل بحركة ، ولا روم ، وليس بإدخال حرف في حرف بل الصحيح أن الحرفين ملفوظ بهما كما حققنا طلبا للتخفيف قاله في النشر (١).
ثم إن : هذا النوع ، وهو الإدغام الكبير ينقسم إلى مثلين ، وغيره (٢).
أما : المدغم من المثلين ، فسبعة عشر حرفا الباء ، والتاء ، والثاء ، والحاء ، والراء ، والسنن ، والعين ، والغين ، والفاء ، والقاف ، والكاف ، واللام ، والميم ، والنون ، والواو ، والهاء ، والياء نحو : (لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ ، الشَّوْكَةِ تَكُونُ ، حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ، النِّكاحِ حَتَّى ، شَهْرُ رَمَضانَ ، النَّاسَ سُكارى ، يَشْفَعُ عِنْدَهُ ، يَبْتَغِ غَيْرَ ، خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ ، الرِّزْقِ قُلْ ، رَبَّكَ كَثِيراً ، لا قِبَلَ لَهُمْ ، الرَّحِيمِ مالِكِ ، نَحْنُ نُسَبِّحُ ، هُوَ وَالَّذِينَ ، فِيهِ هُدىً ، يَأْتِيَ يَوْمٌ)(٣).
واختلف : المدغمون فيما إذا جزم الأول وذلك في قوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ ، ويَخْلُ لَكُمْ ، وَإِنْ يَكُ كاذِباً) والوجهان في الشاطبية وغيرها ، وصححها في النشر (٤) وكذا اختلفوا في (آلَ لُوطٍ) ، وهي في أربعة مواضع اثنان في الحجر [الآية : ٥٩ ، ٦١] ، والثالث في النمل [الآية : ٥٦] ، والرابع في القمر [الآية : ٣٤] ، وعلل الإظهار فيها بقلة الحروف ، ولكن نقض ذلك بإدغام (لَكَ كَيْداً) والأولى التعليل بتكرار إعلال عينه إذ أصل آل عند سيبويه أهل فقلبت الهاء همزة توصلا إلى الألف ، ثم الهمزة ألفا لاجتماع الهمزتين لكن حمل صاحب النشر ما روي عن أبي عمرو من قوله لقلة حروفها على قلة دورها في القرآن قال : فإن قلة الدور ، وكثرته معتبرة وكذا اختلفوا في الواو إذا وقع قبلها ضمة نحو : (هُوَ وَالَّذِينَ ، هُوَ وَالْمَلائِكَةُ) ووقع في ثلاثة عشر موضعا ، وبالإدغام أخذ أكثر المصريين ، والمغاربة ، وبالإظهار أخذ أكثر البغداديين ، واختاره ابن مجاهد ، ومن جعل علة الإظهار فيه المد عورض بإدغامهم يأتي يوم ، ونحوه ، ولا فرق بينهما قاله الداني في جامع البيان ، وبالوجهين قرأت وأختار الإدغام لاطراده أما إذا أسكنت الهاء من هو ، وذلك في ثلاثة مواضع (فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ، وَهُوَ وَلِيُّهُمْ ، وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) فلا خلاف في الإدغام حينئذ خلافا لما وقع في شرح الإمام أبي عبد الله الموصلي المعروف بشعلة
__________________
(١) انظر الصفحة : (١ / ٢٧٤) وما بعدها. [أ].
(٢) كما ذكره العلامة محمد بن الجزري : (١ / ٢٧٥). [أ].
(٣) حيث وقعت. [أ].
(٤) وذكرها الطبري مفصلة في أواخر السور في كتابه التلخيص في القراءات الثمان وكذا الواسطي في الكنز. [أ].