فإن كان : ألفا نحو : (جاءَ ، والسُّفَهاءُ) ومنه (الْماءُ ، وعَلى سَواءٍ) فيسكن للوقف ، ثم يبدل ألفا من جنس ما قبله ، فيجتمع ألفان ، فيجوز حذف إحداهما للساكنين ، فإن قدر المحذوف الأولى ، وهو القياس قصر لأن الألف حينئذ تكون مبدلة من همزة ساكنة ، فلا مد كألف تأمر وإن قدر الثانية جاز المد والقصر لأنها حرف مد قبل همز مغير بالبدل ، ثم الحذف ويجوز إبقاؤهما للوقف فيمد لذلك مدا طويلا ليفصل بين الألفين وقدره ابن عبد الحق في شرحه للحرز بثلاث ألفات ، ويجوز التوسط كما نص عليه أبو شامة وغيره من أجل التقاء الساكنين قياسا على سكون الوقف ، فتحصل حينئذ ثلاثة أوجه : المد ، والتوسط ، والقصر.
وإن كان : الساكن قبل الهمز ياء أو واوا زائدتين ولم يأت منه إلا (النَّسِيءُ ، وبَرِيءٌ ، وقُرُوءٍ) ولا رابع لها إلا درى* في قراءة حمزة ، فتخفيفه بالبدل من جنس الزائد ، فيبدل ياء بعد الياء وواوا بعد الواو ، ثم يدغم أول المثلين في الآخر.
وإن كان الساكن غير ذلك من سائر الحروف فإما أن يكون صحيحا ، ووقع في سبعة مواضع أربعة الهمزة فيهما مضمومة ، وهي (دِفْءٌ ، ومِلْءُ ، ويَنْظُرُ الْمَرْءُ ، ولِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ) واثنان الهمزة فيهما مكسورة ، وهما (بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ، والْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) وواحد الهمزة فيه مفتوحة وهو (يُخْرِجُ الْخَبْءَ) وإما أن يكون الساكن الواو والياء المديتين الأصليتين نحو : (الْمُسِيءُ ، لَتَنُوأُ) أو اللينتين الأصليتين ، فالياء في (شَيْءٍ) لا غير نحو : (شَيْءٌ عَظِيمٌ ، عَلى كُلِّ شَيْءٍ)(١) والواو في نحو : (مَثَلُ السَّوْءِ) فتخفف الهمزة في ذلك كله بنقل حركتها إلى ذلك الساكن ، فيحرك بها ، ثم تحذف هي ليخف اللفظ وقد أجرى بعض النحاة الأصليين مجرى الزائدتين ، فأبدل ، وأدغم ، وجاء منصوصا عن حمزة ، وهو أحد الوجهين في الشاطبية كأصلها ، وقرأ به الداني على أبي الفتح فارس ، وذكره أبو محمد في التبصرة ، وابن شريح.
وأما المتطرف المتحرك ما قبله : وهو الساكن العارض سكونه المتطرف نحو. (بَدَأَ ويُبْدِئُ ، وإِنِ امْرُؤٌ) وقد تقدم حكمه ساكنا ، وسيأتي إن شاء الله تعالى حكمه بالروم ، واتباع الرسم (٢).
وأما المتوسط الساكن ما قبله : ويكون متوسطا بنفسه ومتوسطا بغيره فالمتوسط بنفسه يكون الساكن قبله إما ألفا نحو : (أَوْلِياؤُهُ ، وجاؤُ ، خائِفِينَ ، الْمَلائِكَةِ ، جاءَنا ، دُعاءً ، هاؤُمُ) وإما ياء زائدة نحو : (خَطِيئَةً ، وهَنِيئاً مَرِيئاً) ولم يقع في القرآن العزيز من هذا واو زائدة ، وتخفيفه بعد الألف بينه ، وبين حركته فالمفتوح بين الهمزة ، والألف ، والمكسور بينه ، والياء ، والمضموم بينه ، والواو ، ويجوز في الألف حينئذ المد ، والقصر
__________________
(١) حيث وقعت. [أ].
(٢) انظر الصفحة : (١٣٤). [أ].