ويجيء «أوفى» بمعنى : ارتفع ؛ قال : [المديد]
٤٣٠ ـ ربّما أوفيت في علم |
|
ترفعن ثوبي شمالات (١) |
و «بعهدي» متعلّق ب «أوفوا» ، و «العهد» مصدر ، ويحتمل إضافته للفاعل أو المفعول.
والمعنى : بما عاهدتكم عليه من قبول الطّاعة ، ونحوه : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ) [يس : ٦٠] أو بما عاهدتموني عليه ، ونحوه : (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) [الفتح : ١٠] ، (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) [الأحزاب : ٢٣].
و «أوف» مجزوم على جواب الأمر ، وهل الجازم الجملة الطّلبية نفسها لما تضمّنته من معنى الشرط ، أو حرف شرط مقدر تقديره : إن توفوا بعهدي أوف؟ قولان.
وهكذا كل ما جزم في جواب طلب يجري فيه هذا الخلاف.
وقرأ الزّهري (٢) : «أوفّ» بفتح الواو وتشديد الفاء للتّكثير.
و «بعهدكم» متعلّق به [وهذا](٣) محتمل للإضافة إلى الفاعل ، أو المفعول على ما تقدّم.
فصل في المراد بالعهد المأمور بوفائه
في العهد المأمور بوفائه قولان :
أحدهما : أنه جميع ما أمر الله به من غير تخصيص ، وقوله : (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) أراد به الثواب والمغفرة.
وقال «الحسن» : هو قوله : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ) إلى قوله : (الْأَنْهارُ) [المائدة : ١٢].
وحكى «الضحاك» عن ابن عباس أوفوا بما أمرتكم به من الطّاعات ، ونهيتكم عنه من المعاصي ، وهو قول جمهور المفسرين.
__________________
ـ بلغة عجم الأندلس الحديد ابن خلف بن أحمد أبو القاسم وأبو محمد الشاطبي الرعيني الضرير الإمام العلامة ، أحد الأعلام الكبار والمشتهرين في الأقطار ، ولد سنة ٥٣٨ ه بشاطبة من الأندلس ، وقرأ ببلده القراءات ، رحل إلى بلنسبة بالقرب من بلده فعرض بها التفسير من حفظه على ابن هذيل ، أخذ عن كتاب سيبويه والكامل للمبرّد ، وأدب الكاتب. توفي سنة ٥٩٠ ه بالقاهرة ودفن بها. ينظر غاية النهاية : ٢ / ٢٠.
(١) البيت لجذيمة الأبرش وهو من شواهد الكتاب (٢ / ١٥٣) ، النوادر (٢١٠) ، الهمع (٢ / ٣٨) ، الدرر (٢ / ٤١) ، روح المعاني (١ / ٢٤٢) ، اللسان «شمل» ، الدر المصون (١ / ٢٠٤) ، والبحر المحيط : ١ / ٣٢٦.
(٢) انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٣٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٣٠ ، والقرطبي : ١ / ٢٢٧
(٣) في ب : وهو.