ويقال : بدل وبدل كشبه وشبه ، ومثل ومثل ، ونكل ونكل [قال أبو عبيدة : لم يسمع في فعل وفعل غير هذه الأربعة أحرف](١).
فصل في بيان التبديل
قال أبو مسلم : قوله : «فبدّل» يدلّ على أنهم لم يفعلوا ما أمروا به لأجل أنهم أتوا له ببدل ، ويدلّ عليه أن تبديل القول قد يستعمل في المخالفة ، قال تعالى : (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) إلى قوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) [الفتح : ١٥] ولم يكن تبديلهم الخلاف في الفعل لا في القول ، فكذا هاهنا لما أمروا بالتواضع ، وسؤال المغفرة لم يمتثلوا أمر الله.
وقال جمهور المفسرين : إنّ المراد بالتبديل أنهم أتوا ببدل له ؛ لأن التبديل مشتقّ من البدل ، فلا بدّ من حصول البدل ، كما يقال : بدّل دينه أي : انتقل من دين إلى دين ، ويؤيده قوله تعالى : (قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ).
فصل في الباعث على تبديلهم
وقوله : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) تنبيه على أن الباعث لهم على التبديل هو الظلم ، واختلفوا هل هو مطلق الظلم ، فيكونون كلهم بدلوا ، أو الظالمون منهم هم الذين بدلوا ، وهم الرؤساء والأشراف ، وهذا هو الظاهر ، لقوله في سورة «الأعراف» : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [الأعراف : ١٦٢] واختلفوا هل التقوا كلهم على الأشياء التي بدّلوها ، أو بدّل كلّ أناس منهم شيئا ، أو بدّلوا في كل وقت شيئا؟
فإن قيل : إنّهم قد بدّلوا القول والفعل ، فلم خصّ القول بالتبديل؟
فالجواب : أن ذكر تبديلهم القول يدلّ على تبديل الفعل كقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] أي : والبرد ، فكأنه قال : بدّلوا القول والفعل ، وأيضا فقد يكون المراد بالقول المبدل هو الأمر ، والأمر يشتمل القول المأمور به والفعل.
واختلفوا في ذلك القول :
فروي عن ابن عبّاس : أنّهم لم يدخلوا الباب سجدا ، ولم يقولوا حطّة ، بل دخلوا زاحفين على استاههم قائلين حنطة.
وقال ابن زيد : استهزؤوا بموسى وقالوا ما شاء موسى أن يلعب بنا لا لعب بنا حطة أي شيء حطة.
وقال «مجاهد» : طؤطىء لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم ، ويركعوا ، فدخلوا زاحفين.
وقيل لهم : قولوا حطة فقالوا : حطّا شمقا ما يعني حطة حمراء استخفافا بأمر الله.
__________________
(١) سقط في ب.