والثاني : أنه أقرب لكم ؛ لأنه في الدنيا بخلاف الذي هو خير ، فإنه بالصبر عليه يحصل نفعه في الآخرة.
والثاني : قول علي بن سليمان الأخفش أن أصله : «أدنأ» مهموزا من دنأ ـ يدنأ ـ دناءة ، وهي الشيء الخسيس ، إلا أنه خفّف همزته ؛ كقوله : [الكامل]
٥٣٧ ـ .......... |
|
فارعي فزارة لا هناك المرتع (١) |
ويدل عليه قراءة زهير (٢) [القرقبي](٣) الكسائي (٤) : «أدنأ» بالهمز.
الثالث : أن أصله : أدون من الشيء الدّون ، أي : الرّديء ، فقلب بأن أخرت العين إلى موضع اللام ، فصار : أدنو ، فأعلّ كما تقدم. ووزنه «أفلع» ، وقد تقدم معنى الاستبدال.
و «أدنى» خبر عن «هو» ، والجملة صلة وعائد ، وكذلك : «هو خير» صلة وعائد أيضا.
فصل في معنى الآية
ومعنى الآية : أتستبدلون البقل والقثّاء والفوم والعدس والبصل الذي هو أدنى بالمنّ والسّلوى الذي هو خير؟ من وجوه :
الأول : أنّ البقول لا خطر لها بالنسبة إلى المنّ والسلوى ، لأنهما طعام منّ الله به عليهم ، وأمرهم بأكله ، فكان في استدامته شكر نعمة الله ، وذلك أجر وذخر في الآخرة ، والذي طلبوه عار من هذه الخصال ، فكان أدنى.
وأيضا لما كان المنّ والسّلوى ألذّ من الذي سألوه ، وأطيب كان أدنى ، وأيضا لما كان ما أعطوه لا كلفة فيه ، ولا تعب ، وكان الذي طلبوه لا يجيء إلا بالحرث والتعب كان [أيضا](٥) أدنى.
__________________
(١) عجز بيت للفرزدق وصدره :
راحت بمسلمة البغال عشيّة
ينظر ديوانه : (٥٠٨) ، أمالي ابن الشجري : (١ / ٨٠) ، الخصائص : (٣ / ١٥٢) ، المحتسب : ٢ / ١٧٣ ، الكشاف : ٤ / ٤٤٥ ، الكتاب : (٣ / ٥٥٤) ، المقتضب : (١ / ٢١٣) ، الحجة : (١ / ٣٠١) ، (٢ / ١٦٩) ، شرح المفصل : (٤ / ١٢٢) ، (٩ / ١١١ ، ١١٣) وشرح الشافية للرضي : (٣ / ٤٧) ، الدر المصون : (١ / ٢٤١).
(٢) انظر البحر المحيط : ١ / ٣٩٦ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٥٣ ، والدر المصون : ١ / ٢٤١.
(٣) سقط في ب.
(٤) زهير القرقبي النحوي ، يعرف بالكسائي ، له اختيار في القراءة يروى عنه ، وكان في زمن عاصم ، روى عنه الحروف نعيم بن ميسرة النحوي ، ينظر غاية النهاية : ١ / ٢٩٥ (١٣٠١).
(٥) سقط في ب.