هذا في «إياي» منصوب بما بعده لا بفعل محذوف ، ولا يبعد تأكيد المنفصل بالمتّصل ، كما لا يمتنع تأكيد المتصل بالمنفصل.
و «الرّهب» و «الرّهب» ، و «الرّهبة» : الخوف ، مأخوذ من الرّهابة ، وهي عظم في الصدر يؤثر فيه الخوف ، وسقطت «الياء» بعد «النون» ؛ لأنها رأس فاصلة.
وقرأ ابن أبي إسحاق (١) : «فارهبوني» بالياء ، وكذا : (فَاتَّقُونِ) [البقرة : ٤١] على الأصل.
ويجوز في الكلا م «وأنا فارهبون» على الابتداء والخبر.
وكون «فارهبون» الخبر على تقدير الحذف كان المعنى : «وأنا ربكم فارهبون». ذكره القرطبي.
وفي الآية دليل على أنّ المرء يجب عليه ألا يخاف أحدا إلا الله تعالى ، ولما وجب ذلك في الخوف ، فكذا في الرجاء فيها دلالة على أنه يجب على المكلف أن يأتي بالطاعات للخوف والرجاء ، وأن ذلك لا بد منه.
قوله تعالى : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ)(٤١)
قوله : «ما» يجوز أن تكون بمعنى «الذي» ، والعائد محذوف ، أي : بالذي أنزلته ، ويجوز أن تكون مصدرية ، والمصدر واقع موقع المفعول أي : [بالمنزل](٢).
و «مصدقا» نصب على الحال ، وصاحبها العائد المحذوف.
وقيل : صاحبها «ما» ، والعامل فيها «آمنوا» ، وأجاز بعضهم أن تكون «ما» مصدرية من غير جعله المصدر واقعا موقع مفعول به ، وجعل «لما معكم» من تمامه ، أي : بإنزالي لما معكم ، وجعل «مصدقا» حالا من «ما» المجرورة باللّام قدمت عليها ، وإن كان صاحبها مجرورا ؛ لأن الصّحيح جواز تقديم حال المجرور بحرف الجر عليه ؛ كقوله : [الطويل]
٤٣١ ـ فإن يك أذواد أصبن ونسوة |
|
فلن تذهبوا فرغا بقتل حبال (٣) |
__________________
(١) وقرأ بها يعقوب ووافقه الحسن وصلا.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٣٤ ، والبحر المحيط : ٣٣١ ، والقرطبي : ١ / ٢٢٧ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٣٩٠
(٢) في أ : بالمقول.
(٣) البيت لطليحة بن خويلد. ينظر المقاصد النحوية : ٣ / ١٥٤ ، إصلاح المنطق : ١٩ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٤٩ ، شرح ابن عقيل : ٣٣١ ، شرح عمدة الحافظ ، والمحتسب : ٢ / ١٤٨ ، والتهذيب : ٨ / ١١٠ ، (فرع) واللسان (فرع) والدر المصون : ١ / ٢٠٥.