الخسران من لوازم حصول فضل الله ـ تعالى ـ فحيث حصل الخسران وجب أن يحصل هناك لطف الله تعالى.
وهذا يقتضي أن الله ـ تعالى ـ لم يفعل بالكافر شيئا من الألطاف الدينية ، وذلك خلاف قول المعتزلة.
أجاب الكعبي بأنه ـ تعالى ـ سوّى بين الكلّ في الفضل ، لكن بعضهم انتفع دون بعض ، فصح أن يقال ذلك كما يقول القائل لرجل وقد سوى بين أولاده في العطية فانتفع بعضهم لو لا أن أباك [فضّلك] لكنت فقيرا ، وهذا ضعيف ؛ لأن أهل اللّغة نصوا على أن «لو لا» تفيد انتفاء الشيء لثبوت غيره ، وإذا ثبت هذا فكلام الكعبي ساقط.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)(٦٦)
لما عدّد وجوه إنعامه عليهم شرح [إليهم](١) ما وجه إليهم من التشديدات.
و «اللام» في [لقد] جواب قسم محذوف تقديره : والله لقد ، وكذلك نظائرها.
قال بعض المتأخرين لها نحو أربعين معنى قال : وجميع أقسام «اللام» التي هي حرف معنى يرجع عند التّحقيق إلى قسمين : عاملة ، وغير عاملة.
فالعاملة قسمان : جارّة ، وجازمة ، وزاد الكوفيون النّاصبة للفعل.
وغير العاملة خمسة أقسام : لام ابتداء ، ولام فارقة ، ولام الجواب ، ولام موطّئة ، ولام التعريف عند من جعل حرف التعريف أحاديا.
أما الجارة فلها ثلاثون قسما مذكورة في كتب النحو.
وأمّا الجازمة فلام الأمر ، والدعاء والالتماس. وحركة هذه اللام الكسر.
ونقل ابن مالك عن الفرّاء أن فتحها لغة ، ويجوز إسكانها بعد الواو والفاء ، وهو الأكثر.
وفي حذف لام الطلب وإبقاء عملها أقوال :
وأما اللام ـ [هنا فهي لام «كي»](٢) عند الكوفيين ، وعند البصريين لام جرّ.
ولام الجحود نحو : ما كان زيد ليذهب ، ولام الصّيرورة ، وتسمى لام التّعاقب ، ولام المآل (٣) واللام الزائدة كقوله : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) [النساء : ٢٦] واللام بمعنى الفاء كقوله : (رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) [يونس : ٨٨] أي : فيضلوا. والكلام على هذه اللّامات ليس
هذا موضعه ، وإنما نبّهنا عليه ، فيطلب من مكانه.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : لام المالك.