الفعل في العمل فهو نظير (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج : ١٦] فلا تعلّق لها لزيادتها ، ويجوز أن تكون متعلّقة بمحذوف ؛ لأنها صفة ل «موعظة».
أي : موعظة كائنة للمتّقين ، أي : يعظ المتقون بعضهم بعضا.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧١) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٧٣)
في مناسبة هذه القصة لما قبلها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه ـ تعالى ـ لما عدد النعم المتقدمة على بني إسرائيل كإنزال المنّ والسّلوى ، ورفع الطّور ، وغير ذلك ـ ذكر بعده هذه النعم التي بها بيّن البريء من غيره وذلك من أعظم النعم.
الثّاني : أنه ـ تعالى ـ لما حكى عنهم التّشديدات والتعنّت كقولهم : يريد (اللهَ جَهْرَةً) [النساء : ١٥٣] وقولهم : (لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) [البقرة : ٦١] ، وغير ذلك من التعنّت ذكر بعده تعنتا آخر ، وهو تعنتهم في صفة البقرة.
الثالث : ذكرها معجزة للنبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأنه أخبر بهذه القصّة من غير تعلّم وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب.
هذه الآية متأخرة في المعنى دون التلاوة عن قوله : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً) [البقرة : ٧٢] وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
والجمهور على ضم الرّاء في «يأمركم» ؛ لأنه مضارع معرب مجرّد عن ناصب وجازم ، وروي عن (١) أبي عمرو سكونها سكونا محضا ، واختلاس الحركة ، وذلك لتوالي الحركات ، لأن الراء حرف تكرير ، فكأنها حرفان ، وحركتها حركتان.
وقيل : شبّهها ب «عضد» فسكّن أوسطه إجراء للمنفصل مجرى المتصل ، وهذا كما
__________________
(١) انظر البحر المحيط : ١ / ٤١٤ ، والدر المصون : ١ / ٢٥٣ ، والقرطبي : ١ / ٣٠١.