تقدم في قراءة (بارِئِكُمْ) [البقرة : ٥٤] وقد تقدم ذكر من استضعفها من النّحاة ، وتقدّم ذكر الأجوبة عنه.
ويجوز إبدال همزة «يأمركم» ألفا ، وهذا مطرد.
و «يأمركم» هذه الجملة في محلّ رفع خبر ل «إن» ، و «إن» وما في حيّزها في محلّ نصب مفعولا بالقول ، والقول وما في حيّزه في محلّ جرّ بإضافة الظرف إليه ، والظرف معمول لفعل محذوف أي : اذكر.
قوله : (أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) أن وما حيّزها مفعول ثان ل «يأمركم» ، فموضعها يجوز أن يكون نصبا ، وأن يكون جرّا على ما مضى من الخلاف ، لأن الأصل على إسقاط حرف الجر أي بأن تذبحوا ، ويجوز أن يوافق الخليل هنا على أن موضعها نصب ؛ لأن هذا الفعل يجوز حذف الباء معه ، ولو لم تكن الباء في «أن» نحو : «أمرتك الخير». و «البقرة» واحدة البقر ، تقع على الذّكر والأنثى نحو : «حمامة» ، والصّفة تميز الذّكر من الأنثى ، تقول : بقرة ذكر ، وبقرة أنثى.
وقيل : بقرة اسم للأنثى خاصّة من هذا الجنس مقابل الثور ، نحو : ناقة وجمل ، وأتان وحمار.
وسمي هذا الجنس بذلك ، لأنه يبقر الأرض ، أي : يشقّها بالحرث ، ومنه : بقر بطنه ، والباقر أبو جعفر (١) ، لشقّه العلم ، والجمع «بقر وباقر وبيقور وبقير».
و «البقيرة» : ثوب يشقّ فتلقيه المرأة في عنقها من غير كمّين.
فصل في قصة القتيل
روي عن ابن عباس وسائر المفسرين : أن رجلا من بني إسرائيل قتل قريبا له ليرثه ، وقيل : لينكح زوجته ، وقيل : إن ابن أخيه قتله ليتزوج ابنته ، وكان امتنع من تزويجها له ، فقتله ثم رماه في مجمع الطريق ، ثم شكا ذلك إلى موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ فاجتهد موسى في أن يعرف القاتل ، فلما لم يظهر قالوا : قل لربك «بيّنه» فأوحى الله إليه أن يأمرهم بأن يذبحوا بقرة [فعجبوا](٢) من ذلك ، ثم شددوا على أنفسهم بالاستفهام حالا بعد حال ، واستقصوا في طلب الوصف ، فلما تعينت لم يجدوها بذلك النّعت إلّا عند
__________________
(١) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو جعفر الباقر ، لأنّه بقر العلم ، أي شقه وعرف ظاهره وخفيّه ، وردت عنه الرواية في حروف القرآن ، ولد سنة ٥٦ ه ، عرض على أبيه زين العابدين وروى عنه وعن جابر وابن عمر ، سئل عن أبي بكر وعمر فقال : تولهما وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى. توفي سنة ١١٨ ه ، وقيل غير ذلك.
ينظر غاية النهاية : ٢ / ٢٠٢.
(٢) في ب : فتعجبوا.