واستصحب بناؤه على الفتح ، وجعله مثل قولهم «ما رأيته من شب إلى دبّ».
وقوله عليه الصلاة والسلام : «وأنهاكم عن قيل وقال» (١).
ورد عليه بأن «أل» لا تدخل على المنقول من فعل ماض ، وبأنه كان ينبغي أن يجوز إعرابه كنظائره.
وعنه قول آخر أن أصله «أوان» فحذفت الألف ، ثم قلبت الواو ألفا ، فعلى هذا ألفه عن واو.
وأدخله الرّاغب في باب «أين» ، فتكون ألفه عن «ياء». والصواب الأول.
وقرىء : قالوا : ألآن بتحقيق الهمزة من غير نقل ، وهي قراءة الجمهور.
و «قال : لأن» بنقل حركة الهمزة على اللام قبلها ، وحذف الهمزة ، وهو قياس مطّرد ، وبه قرأ (٢) نافع وحمزة باختلاف عنه.
و «قالوا : لآن» بثبوت «الواو» من «قالوا» ؛ لأنها إنما حذفت لالتقاء الساكنين ، وقد تحركت «اللام» لنقل حركة «الهمزة» إليها ، واعتدوا بذلك كما قالوا في الأحمر «محمر».
وسيأتي تحقيق هذا ـ إن شاء الله تعالى ـ في (عاداً الْأُولى) [النجم : ٥٠] ويحكى وجه رابع «قالوا : آلآن» بقطع همزة الوصل ، وهو بعيد ، و «بالحق» يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن تكون باء التّعدية كالهمزة كأنه قيل : «أجأت الحق» ، أي : ذكرته.
الثاني : أن يكون في محلّ نصب على الحال من فاعل «جئت» أي : جئت ملتبسا بالحق ، أو «ومعك الحق».
فصل في تحقيق أنهم لم يكفروا
قال القاضي : قولهم : «الآن جئت بالحقّ» كفر من قبلهم لا محالة ؛ لأنه يدل على أنهم اعتقدوا فيما تقدم من الأوامر أنها ما كانت حقّة.
قال ابن الخطيب : وهذا ضعيف لاحتمال أن يكون المراد الآن ظهرت حقيقة ما أمرنا به حتى تميزت من غيرها فلا يكون كفرا.
قوله : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) أي : فذبحوا البقرة. و «كادوا» كاد واسمها وخبرها ، والكثير في خبرها تجرده من «أن».
وشذ قوله : [الرجز]
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح ٨ / ١٧٩ كتاب الرقاق باب ما يكره من قيل وقال .. حديث رقم (٦٤٧٣) وفي «الأدب المفرد» رقم (٤٦) وأحمد (٤ / ٢٥٠).
(٢) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ١٦٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٢٢ ، والدر المصون : ١ / ٢٦١.