الرجم ، وصفة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهم يعلمون أنهم كاذبون ، وهو قول مجاهد وقتادة وعكرمة ووهب والسدي وهذا أقرب ؛ لأن الضمير في قوله : (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) راجع إلى ما تقدم من قوله : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) والذي تعلّق الطبع بإيمانهم هم الذين كانوا في زمن محمد عليه الصلاة والسلام.
وقولهم : الذين سمعوا كلام الله هم الذين حضروا الميقات ممنوع ؛ لأن من سمع التوراة والقرآن يجوز أن يقال : إنه سمع كلام الله.
فإن قيل : كيف يلزم من إقدام البعض على التّحريف حصول اليأس من إيمان الباقين ، فإن عناد البعض لا ينافي إقرار الباقين؟
أجاب القفّال فقال : يحتمل أن يكون المعنى كيف يؤمن هؤلاء ، وهم إنما يأخذون دينهم ، ويتعلمونه من علمائهم وهم قوم يتعمدون التحريف عنادا ، فأولئك إنما يعلمونهم ما حرفوه وعرفوه.
فصل في كلام القدرية والجبرية
قوله : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) استفهام على سبيل الإنكار ، فكان ذلك جزما بأنهم لا يؤمنون ألبتة ، وإيمان من أخبر الله ـ تعالى ـ عنهم بأنه لا يؤمن ممتنع ، فحينئذ تعود الوجوه المذكورة للقدرية والجبرية.
قال القاضي : قوله : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) يدل على أن إيمانهم من قلبهم ؛ لأنه لو كان بخلق الله ـ تعالى ـ فيهم لكان لا يتغيّر حال الطمع فيهم بصفة الفريق الذي تقدّم ذكرهم ، ولما صحّ كون ذلك تسلية للرسول وللمؤمنين ؛ لأن الإيمان موقوف على خلقه ـ تعالى ـ ذلك ، وزواله موقوف على ألا يخلقه فيهم.
وأيضا إعظامه ـ تعالى ـ لكذبهم في التحريف من حيث فعلوه ، وهم يعلمون صحته.
وإضافته ـ تعالى ـ التحريف إليهم على وجه الذم يدلّ على ذلك ، واعلم أن الكلام عليه قد تقدم جوابه مرارا.
فصل في ذم العالم المعاند
قال أبو بكر الرازي : الآية تدلّ على أن العالم المعاند أبعد من الرّشد ، وأقرب إلى اليأس من الجاهل ؛ لأن تعمّده التحريف مع العلم بما فيه من العذاب يكون أشد قسوة ، وأعظم جناية.
فصل في بيان أنهم إنما فعلوا ذلك لأغراض
فإن قيل : إنما فعلوا ذلك لضرب من الأغراض كما قال تعالى : (وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً