الإضمار ؛ لأن الإنكار لا يتوجّه على من كتب الكتاب بيده إلا إذا حرفه غيره.
قوله : (لِيَشْتَرُوا) اللام : لام كي ، وقد تقدمت ، والضمير في «به» يعود على ما أشاروا إليه بقوله (هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ).
و «ثمنا» مفعوله.
وقد تقدّم تحقيق دخول الباء على غير الثمن عند قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) [البقرة : ٤١] فليلتفت إليه ، واللّام متعلقة ب «يقولون» أي : يقولون ذلك لأجل الاشتراء.
وأبعد من جعلها متعلّقة بالاستقرار الذي تضمنه قوله : (مِنْ عِنْدِ اللهِ).
قوله : (مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) متعلّق ب «ويل» أو بالاستقرار في الخبر.
و «من» للتعليل و «ما» موصولة اسمية ، والعائد محذوف ، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة.
والأول أقوى ، والعائد أيضا محذوف أي : كتبته ، ويجوز أن تكون مصدرية ، أي : من كتبهم.
و «ويل لهم ممّا يكسبون» مثل ما تقدم قبله ، وإنما كرر الويل ؛ ليفيد أن الهلكة متعلقة بكل واحد من الفعلين على حدته لا بمجموع الأمرين ، وإنا قدم قوله : «كتبت» على «يكسبون» ؛ لأن الكتابة مقدمة ، فنتيجتها كسب المال ، فالكتب سبب والكسب مسبب ، فجاء النظم على هذا.
فصل في سبب هذا الوعيد
هذا الوعيد مرتّب على أمرين : على الكتابة الباطلة لقصد الإضلال ، وعلى أن المكتوب من عند الله ، فالجمع بينهما منكر عظيم.
وقوله : (لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) تنبيه على أمرين :
الأول : أنه يدلّ على نهاية شقاوتهم ؛ لأن العاقل لا يرضى بثمن قليل في الدنيا يحرمه الأجر العظيم الأبدي في الآخرة.
والثاني : إنما فعلوا ذلك طلبا للمال والجاه ، وهذا يدلّ على أن أخذ المال بالباطل وإن كان بالتّراضي فهو محرّم ؛ لأن الذي كانوا يعطونه من المال كان عن محبة ورضا.
وقوله : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) دليل على أخذهم المال عليه ، فلذلك كرر [ذكر](١) الويل.
واختلفوا في قوله : (يَكْسِبُونَ) هل المراد سائر معاصيهم ، أو ما كانوا يأخذون على الكتابة والتحريف؟
__________________
(١) سقط في ب.