و «البطل» : الشّجاع ، سمي بذلك ؛ لأنه يبطل شجاعة غيره.
وقيل : لأنه يبطل دمه فهو «فعل» بمعنى «مفعول».
وقيل : لأنه يبطل دم غيره فهو بمعنى «فاعل». وقد بطل ـ بالضّم ـ يبطل بطولا وبطالة ، أي : صار شجاعا ؛ قال النابغة : [البسيط]
٤٤٣ ـ لهم لواء بكفّي ماجد بطل |
|
لا يقطع الخرق إلّا طرفه سامي (١) |
وبطل الأجير ـ بالفتح ـ بطالة ـ بالكسر : إذا تعطّل ، فهو بطّال ، وذهب دمه بطلا ـ بالضم ـ أي : هدرا.
فصل في المراد من قوله تعالى : (الْحَقَّ بِالْباطِلِ)
اختلفوا في المراد من قوله : (الْحَقَّ بِالْباطِلِ) فروي عن «ابن عباس» وغيره : لا تخلطوا ما عندكم من الحقّ في الكتاب بالباطل (٢) ، وهو التغيير والتبديل.
وقال «أبو العالية» : قالت اليهود : محمد مبعوث ولكن إلى غيرنا ، فإقرارهم ببعثته حق ، وجحدهم أنه بعث إليهم باطل.
وقال «مجاهد» : لا تخلطوا اليهودية والنصرانية بالإسلام (٣).
قوله : (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ) فيه وجهان :
أحدهما ، وهو الأظهر : أنه مجزوم بالعطف على الفعل قبله ، نهاهم عن كل فعل على حدته ، أي : لا تفعلوا هذا ولا هذا.
والثاني : أنه منصوب بإضمار «أن» في جواب النهي بعد «الواو» التي تقتضي المعية ، أي : لا تجمعوا بين لبس الحق بالباطل وكتمانه ، ومنه : [الكامل]
٤٤٤ ـ لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم (٤) |
و «أن» مع ما في حيّزها في تأويل مصدر ، فلا بد من تأويل الفعل الذي قبلها
__________________
(١) ينظر ديوانه : ص ٨٤ ، شرح عمدة الحافظ : ص ٤٥٧ ، الدر المصون : ١ / ٢٠٩.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (١ / ٥٦٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ١٢٥).
(٣) أخرجه الطبري (١ / ٥٦٨) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر» (١ / ١٢٥) وعزاه لعبد بن حميد عن قتادة.
وذكره ابن كثير في «تفسيره» (١ / ١٥٢) عن قتادة أيضا.
(٤) البيت للأخطل كذا نسبه له سيبويه واشتهر أنه لأبي الأسود الدؤلي انظر ملحقات ديوانه : (١٣٠) ، ونسب البيت للطرماح وللمتوكل الليثي انظر الكتاب : (١ / ٤٢٤) ، والمقتضب (٢ / ٢٥) ، وشرح المفصل لابن يعيش : (٧ / ٢٤) ، العيني : (٤ / ٣٩٣) ، والشذور : (٢٣٨) ، حماسة البحتري : (١٧٤) ، الخزانة : (٨ / ٥٦٤) ، الدرر : (٢ / ٩) ، معاني الفراء : (١ / ١١٥) ، الصاحبي : (١٥٦) ، الأشموني : (٣ / ٣٠٧).