قوله : «آمن» لا يفيد إلا أنه فعل فعلا واحدا من أفعال الإيمان ، فلهذا حسن أن يقول : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
والجواب : أن فعل الماضي يدلّ على حصول المصدر في زمان معين والإيمان هو المصدر فلو دلّ ذلك على جميع الأعمال الصالحة لكان قوله : «آمن» دليلا على صدور كل تلك الأعمال منه.
فصل في مرتكب الكبيرة
هذه الآية تدلّ على أن صاحب الكبيرة قد يدخل الجنة ؛ لأنه أتى بالإيمان والأعمال الصالحات ، ثم أتى بعد ذلك بالكبيرة ، ولم يتب عنها ، فهذا الشّخص قبل إتيانه بالكبيرة كان قد صدق عليه أنه آمن ، وعمل الصالحات [في ذلك الوقت ، ومن صدق عليه ذلك صدق عليه أنه آمن وعمل الصالحات](١) وإذا صدق عليه ذلك وجب اندراجه تحت قوله : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
فإن قيل قوله تعالى : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) لا يصدق عليه إلا إذا أتى بجميع [الأعمال](٢) ، ومن جملة الصّالحات التوبة ، فإذا لم يأت بها لم يكن آتيا بالصالحات ، فلا يندرج تحت [الآية](٣).
قلنا : [لو سلمنا أنه قبل](٤) الإتيان بالكبيرة [صدق](٥) عليه أنه آمن وعمل الصالحات [لأنه متى صدق المركب يجب صدق المفرد ، بل إنه إذا أتى بالكبيرة لم يصدق عليه أنه آمن وعمل الصالحات](٦) في كل الأوقات ، لكن قولنا : آمن وعمل الصالحات أعم من قولنا : إنه كذلك في كل الأوقات ، أو في بعض الأوقات ، والمعتبر في الآية هو القدر المشترك ، فثبت أنه مندرج تحت حكم الوعد.
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)(٨٣)
«إذ» معطوف على الظرف قبله ، وقد تقدم ما فيه من كونه متصرفا أو لا.
و «أخذنا» في محلّ خفض ، أي : واذكر وقت أخذنا ميثاقهم ، أو نحو ذلك.
(لا تَعْبُدُونَ) قرأ ابن كثير (٧) وغيره والكسائي بالياء ، والباقون بالتاء.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) في أ : قولنا.
(٤) في أ : قد بينا أن.
(٥) في أ : مصدق.
(٦) سقط في ب.
(٧) وبها قرأ حمزة ، ووافقه : ابن محيصن ، والحسن ، والأعمش.