وتجيء «ذو» موصولة بمعنى «الّذي» وفروعه ، والمشهور حينئذ بناؤها وتذكيرها ، ولها أحكام كثيرة.
و «القربى» مضاف إليه ، وألفه للتّأنيث ، وهو مصدر ك «الرّجعى والعقبى» ، ويطلق على قرابة الصّلب والرّحم ؛ قال طرفة : [الطويل]
٦١٨ ـ وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة |
|
على الحرّ من وقع الحسام المهنّد (١) |
وقال أيضا : [الطويل]
٦١٩ ـ وقرّبت بالقربى وجدّك إنّه |
|
متى يك أمر للنّكيثة أشهد (٢) |
والمادة تدلّ على الدّنو عند البعد.
فصل
اعلم أن حقّ ذوي القربى كالتّابع لحق الوالدين ؛ لأن اتصال الأقارب بواسطه اتّصال الوالدين ، فلذلك أخّر الله ـ تعالى ـ ذكرهم بعد ذكر الوالدين ، والسبب في تأكيد رعاية هذا الحق إلى القرابة ؛ لأن القرابة مظنّة الاتّحاد والألفة والرعاية والنصرة ، فلهذا وجبت رعاية حقوق الأقارب.
فصل في أحكام تؤخذ من الآية
قال الشّافعي رضي الله عنه : لو أوصى لأقارب زيد دخل فيه الوارث المحرم ، وغير المحرم ، ولا يدخل الأب والابن ؛ لأنهما لا يعرفان بالقرابة ، ويدخل الأحفاد والأجداد.
وقيل : لا يدخل الأصول والفروع.
وقيل : يدخل الكلّ.
قال الشافعي : يرتقي إلى أقرب جدّ ينسب هو إليه ويعرف به ، وإن كان كافرا.
وذكر أصحابه في مثاله : لو أنه أوصى لأقارب الشافعي ، فإنا نصرفه إلى بني شافع دون بني المطّلب ، وبني عبد مناف ، وإن كانوا أقارب ؛ لأنّ الشّافعي ينتسب في المشهور إلى بني شافع دون عبد مناف.
قال الغزالي : وهذا في زمان الشّافعي ، أما في زماننا فلا ينصرف إلّا إلى أولاد الشافعي ولا يرتقي إلى بني شافع ؛ لأنّه أقرب من يعرف به أقاربه في زماننا ، أما قرابة الأم ، فإنها تدخل في وصيّة العجم ، ولا تدخل في وصيّة العرب على الأظهر ؛ لأنهم لا يعدون ذلك قرابة أما لو قال : لأرحام فلان دخل فيه قرابة الأب والأم.
__________________
(١) ينظر ديوانه : (٣٦) ، شرح القصائد العشر للتبريزي : (١٨١) ، الدر المصون : ١ / ٢٧٨.
(٢) ينظر ديوانه : (٢٢) ، شرح القصائد العشر : (١٨٣) ، الشنقيطي : (٧٦) ، الدر المصون : ١ / ٢٧٨.