والزجر ، بخلاف المعين للظالم على ظلمه ، فإنه يرغبه فيه ، ويحسنه له ويدعوه إليه فظهر الفرق.
و «الإثم» في الأصل : الذنب ، وجمعه «آثام» ، ويطلق على الفعل الذي يستحقّ به صاحبه الذّم واللوم.
وقيل : هو ما تنفر منه النفس ، ولا يطمئنّ إليه القلب ، فالإثم في الآية يحتمل أن يكون مرادا به [أحد](١) هذه المعاني ويحتمل أن يتجوّز به عما يوجب الإثم من إقامة السّبب مقام السّبب مقام المسبب ؛ كقوله : [الوافر]
٦٣٥ ـ شربت الإثم حتّى ضلّ عقلي |
|
كذاك الإثم يذهب بالعقول (٢) |
فعبر عن الخمر بالإثم ، لما كان مسبّبا عنها.
فصل في معنى العدوان واشتقاقه
و «العدوان» : التجاوز في الظلم ، وقد تقدم في (يَعْتَدُونَ) [البقرة : ٦١] وهو مصدر ك «الكفران والغفران» والمشهور ضمّ فائه ، وفيه لغة بالكسر.
قوله : (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ) «إن» شرطية ، و «يأتوكم» مجزوم بها بحذف النون ، والمخاطب مفعول.
و «أسارى» حال من الفاعل في «يأتوكم».
وقرأ الجماعة غير حمزة «أسارى» وقرأ هو (٣) : «أسرى» وقرىء (٤) : «أسارى» بفتح الهمزة. فقراءة الجماعة تحتمل أربعة أوجه :
أحدها : أنه جمع جمع «كسلان» لما جمعهما من عدم النّشاط والتصرف ، فقالوا : «أسير وأسارى» بضم الهمزة ك «كسلان وكسالى» و «سكران وسكارى» ، كما أنه قد شبه كسلان وسكران به فجمعا جمعه الأصلي الذي هو على «فعلى» فقالوا : كسلان وكسلى ، وسكران وسكرى لقولهم : أسير وأسرى.
قال سيبويه : فقالوا في جمع كسلان كسلى شبّهوه ب «أسرى». كما قالوا : أسارى شبّهوه ب «كسالى» ، ووجه الشبه أنّ الأسر يدخل على المرء كرها كما يدخل الكسل.
__________________
(١) في ب : ما ذكرت من.
(٢) ينظر شواهد البحر : (١ / ٤٥٩) ، الغريبين : (١ / ١٨) ، اللسان : (أثم) ، التهذيب : (١٥ / ١٦١) ، تفسير معالم التنزيل : (٢ / ١٨٦) ، روح المعاني : (٨ / ١١٢) ، الدر المصون : (١ / ٢٨٥).
(٣) انظر السبعة : ١٦٣ ، والكشف : ١ / ٢٥١ ، وحجة القراءات : ١٠٤ ، والعنوان : ٧٠ ، والحجة للقراء السبعة : ٢ / ١٤٣ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٤٥ ، وشرح شعلة : ٢٦٨ ، وإتحاف : ١ / ٤٠١.
(٤) انظر الدر المصون : ١ / ٢٨٦ ، معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٤٠ ، وقال : «لا أعلم أحدا قرأ بها» ، ونقل القرطبي (٢ / ١٦) عن ابن فارس قوله : وقيل : أسارى ـ بفتح الهمزة ـ وليست بالعالية.