فقيل : معنى «فداه» أعطى فيه فداء من مال ، و «فاداه» : أعطى فيه أسيرا مثله ؛ وأنشد : [الطويل]
٦٣٧ ـ ولكنّني فاديت أمّي بعدما |
|
علا الرّأس منها كبرة ومشيب (١) |
وهذا القول يرده قول العباس رضي الله عنه : فاديت نفسي وفاديت عقيلا ، ومعلوم أنه لم يعط أسيره في مقابلة نفسه ولا ولده.
وقيل : تفدوهم بالصّلح ، وتفادوهم بالعنف.
وقيل : تفدوهم تعطوا فديتهم ، وتفادوهم تطلبون من أعدائكم فدية الأسير الذي في أيديكم ؛ ومنه : [الوافر]
٦٣٨ ـ قفي فادي أسيرك إنّ قومي |
|
وقومك ما أرى لهم اجتماعا (٢) |
والظاهر أن «تفادوهم» على أصله من اثنين ، وذلك أن الأسير يعطى المال والأسير يعطى الإطلاق ، وتفدوهم على بابه من غير مشاركة ، وذلك أن الفريقين يفدي صاحبه من الآخر بمال أو غيره ، فالفعل على الحقيقة من واحد.
و «الفداء» ما يفتدى به ، فإذا كسروا فاءه ، جاز فيه وجهان :
المدّ والقصر ، فمن المدّ قول النابغة : [البسيط]
٦٣٩ ـ مهلا ، فداء لك الأقوام كلّهم |
|
وما أثمّر من مال ومن ولد (٣) |
ومن القصر قوله : [الطويل]
٦٤٠ ـ .......... |
|
فدى لك من ربّ طريفي وتالدي (٤) |
ومن العرب من يكسر : «فدى» مع لام الجر خاصّة ، نحو : «فدى لك أبي وأمي» يريدون الدعاء له بذلك ، وفدى وفادى يتعدّيان لاثنين أحدهما بنفسه ، والآخر بحرف جر ، تقول : «فديت أو فاديت الأسير بمال» ، وهو محذوف في الآية الكريمة.
__________________
(١) البيت لنصيب. ينظر اللسان (فدى) ، الدر المصون : (١ / ٢٨٧).
(٢) ينظر : القرطبي : ٢ / ٢٢ ، البحر المحيط : ١ / ٤٦٠ ، روح المعاني : ١ / ٣١٢ ، الدر المصون : ١ / ٢٨٧.
(٣) ينظر ديوانه : ص ٢٦ ، الأشباه والنظائر : ٧ / ٩٠ ، خزانة الأدب : ٦ / ١٨١ ، لسان العرب (فدى) ، شرح المفصل : ٤ / ٧٣ ، القرطبي : (٢ / ١٧) ، البحر : (١ / ٤٤٩) ، شرح القصائد لابن النحاس : ٢ / ١٧٣ ، الشعر والشعراء : (١٧٣) ، الدر المصون : (١ / ٢٨٧).
(٤) عجز بيت وصدره في الديوان هكذا :
تخبّ إلى النعمان حتى تناله
ينظر ديوانه : ١٧٠ ، الشعر والشعراء : (١ / ١٦٩) ، البحر : ١ / ٤٤٩ ، الطبري : ١ / ٤٨ ، روح المعاني : ١ / ٧٨ ، المحرر الوجيز : ١ / ١٠٤ ، الدر المصون : ١ / ٢٨٧.