«هو زيد قائم» ، ولا يثنى ولا يجمع ، ولا يحذف إلا في مواضع تذكر إن شاء الله تعالى ، والكوفيّون يسمونه ضمير المجهول ، وله أحكام كثيرة.
الوجه الثاني : أن يكون «هو» ضمير الشأن أيضا ، و «محرم» خبره ، و «إخراجهم» مرفوع على أنه مفعول لم يسمّ فاعله. وهذا مذهب الكوفيين ، وإنما فرّوا من الوجه الأول ؛ لأن عندهم أن الخبر المحتمل ضميرا مرفوعا لا يجوز تقديمه على المبتدأ ، فلا يقال : قائم زيد على أن يكون «قائم» خبرا مقدما ، وهذا عند البصريين ممنوع لما عرفته أن ضمير الشأن لا يفسّر إلا بجملة ، والاسم المشتق الرافع لما بعده من قبيل المفردات لا الجمل ، فلا يفسر به ضمير الشّأن.
الثّالث : أن يكون «هو» كناية عن الإخراج ، وهو مبتدأ ، و «محرم» خبره ، و «إخراجهم» بدل منه ، وهذا على أحد القولين.
وهو جواز إبدال الظّاهر من المضمر قبله ليفسره ، واستدلّ من أجاز ذلك بقوله : [الطويل]
٦٤١ ـ على حالة لو أنّ في القوم حاتما |
|
على جوده لضنّ بالماء حاتم (١) |
ف «حاتم» بدل عن الضمير في «جوده».
الرابع : أن يكون «هو» ضمير الإخراج المدلول عليه بقوله : (وَتُخْرِجُونَ) و «محرّم» خبره ، و «إخراجهم» بدل من الضمير المستتر في «محرم».
الخامس : كذلك ، إلا أن «إخراجهم» بدل من «هو». نقل هذين الوجهين أبو البقاء ، وفي هذا الأخير نظر ، وذلك أنك إذا جعلت «هو» ضمير الإخراج المدلول عليه بالفعل كان الضمير مفسرا به نحو : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [المائدة : ٨] فإذا أبدلت منه «إخراجهم» الملفوظ به كان مفسّرا به أيضا ، فيلزم تفسيره بشيئين ، إلّا أن يقال : هذان الشيئان في الحقيقة شيء واحد فيحتمل ذلك.
السادس : أجاز الكوفيون أن يكون «هو» عمادا ، وهو الذي يسميه البصريون ضمير الفصل قدّم مع الخبر ، والأصل : وإخراجهم هو محرم عليكم ، و «إخراجهم» مبتدأ ، و «محرم» خبره ، و «هو» عماد ، فلما قدم الخبر قدم معه.
قال الفراء : لأن الواو ـ هنا ـ تطلب الاسم ، وكل موضع نطلب فيه الاسم فالعماد جائز وهذا عند البصريين ممنوع من وجهين :
أحدهما : أنّ الفصل عندهم من شرطه أن يقع بين معرفتين أو بين معرفة ونكرة
__________________
(١) البيت للفرزدق. ينظر ديوانه : ٢ / ٢٩٧ ، العيني : ٣ / ١٨٦ ، الشذور (٢٤٥) ، الكامل : (٢٣٤) ، ابن يعيش : ٣ / ٦٩ ، الكشاف : ٤ / ٥١٩ ، الدر المصون : ١ / ٢٨٨.