فأما قولهم : «القصوى» عند غير «تميم» ، و «الحلوى» عند الجميع فشاذّ.
فلو كانت «فعلى» اسما صحّت الواو ؛ كقوله : [الطويل]
٦٤٤ ـ أدارا بحزوى هجت للعين عبرة |
|
فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق (١) |
وقد استعملت استعمال الأسماء ، فلم يذكر [موصوفها ، قال تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) [الأنفال : ٦٧] وقال ابن السّراج في «المقصور والممدود» : و «الدنيا»](٢) مؤنّثة مقصورة ، تكتب بالألف ، هذه لغة «نجد» «وتميم» ، إلّا أن «الحجاز» ، «وبني أسد» يلحقونها ونظائرها بالمصادر ذوات الواو ، فيقولون : دنوى مثل شروى وكذلك يفعلون بكل «فعلى» موضع لامها واو ، ويفتحون أولها ، ويقلبون باءها واوا ، وأما أهل اللغة الأولى ، فيضمون الدال ، ويقلبون من الواو ياء لاستثقالهم الواو مع الضمة.
فصل في المراد بالخزي في الآية
اختلفوا في هذا الخزي على وجوه :
أحدها : قال الحسن : وهو الجزية والصّغار ، وهو ضعيف ؛ لأن الجزية لم تكن ثابتة في شريعتهم ، بل إن حملنا الآية على خطاب الذين كانوا في زمن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيصحّ.
الثاني : خزي «بني قريظة» بالقتل والسّبي ، وخزي بني النّضير بالجلاء والنفي عن منازلهم إلى «أذرعات» و «أريحا» من «الشام» ، وهذا أيضا إنما يصحّ إذا حملنا الآية على الحاضرين في زمان محمد صلىاللهعليهوسلم.
الثالث : قال ابن الخطيب (٣) وهو الأولى : إنّ المراد منه الذّمّ العظيم والتحقير البالغ من غير تخصيص ذلك ببعض الوجوه دون بعض ، والتنكير في قوله : «خزي» يدلّ على أن الذّم واقع في النهاية العظمى.
[وقوله](٤) يردّون [قرىء](٥) بالغيبة (٦) على المشهور وفيه وجهان.
أحدها : أن يكون التفاتا ، فيكون راجعا إلى قوله : (أَفَتُؤْمِنُونَ) فخرج من ضمير الخطاب إلى الغيبة.
__________________
(١) البيت لذي الرمة. ينظر ديوانه : ص ٤٥٦ ، خزانة الأدب : ٢ / ١٩٠ ، شرح أبيات سيبويه : ١ / ٤٨٨ ، الكتاب : ٢ / ١٩٩ ، المقاصد النحوية : ٤ / ٣٣٦ ، ٥٧٩ ، الأغاني : ١٠ / ١١٩ ، أوضح المسالك : ٤ / ٣٨٨ ، شرح الأشموني : ٢ / ٤٤٥ ، المقتضب : ٤ / ٢٠٣ ، العيني : ٤ / ٢٣٦ ، شرح التصريح : ٢ / ٢٨٠ ، الدر : ١ / ٢٩٠.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر الفخر الرازي : ٣ / ١٥٩.
(٤) في ب : وقرىء.
(٥) سقط في ب.
(٦) وهي قراءة الجمهور.