والقفاوة : ما يدّخر من اللّبن وغيره لمن تريد إكرامه ، وقفوت الرجل : قذفته بفجور ، «وفلان قفوتي» : أي تهمتي ، وقفوتي أي خيرتي.
قال ابن دريد : كأنه من الأضداد.
ومنه : قافية الشعر ؛ لأنها يتلو بعضها بعضا ، ومعنى قفّينا : أي أتبعنا ، كقوله : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) [المؤمنون : ٤٤].
و «ومن بعده» متعلق به ، وكذلك : «بالرّسل» وهو جمع رسول بمعنى مرسل ، وفعل غير مقيس في «فعيل» بمعنى «مفعول» وسكون العين لغة «الحجاز» وبها قرأ الحسن (١) ، والضم لغة «تميم» ، وبها قرأ السّبعة إلّا أبا عمر (٢) ، وفيما أضيف إلى «نا» أو «كم» أو هم» ، فإنه قرأ بالسكون لتوالي الحركات.
فصل في تعيين الرسل المقفى بهم
هؤلاء الرّسل : يوشع ، وشمويل ، وداود ، وسليمان ، وشعياء ، وأرمياء ، وعزير ، وحزقيل ، وإلياس ، ويونس ، وزكريا ، ويحيى ، وغيرهم.
وروي أن بعد موسى إلى أيام عيسى كانت الرسل متواترة ، ويظهر بعضهم في أثر البعض.
والشريعة واحدة في أيام عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ فإنه جاء بشريعة مجدّدة ، والدليل على ذلك قوله : (وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ؛) لأنه يقتضي أنهم على حدّ واحد في الشريعة يتبع بعضهم بعضا فيها. وقال القاضي : إنّ الرسول الثاني لا يجوز أن يكون على شرعة الأوّل بحيث لا يؤدي إلا تلك بعينها من غير زيادة ولا نقصان ، مع أنّ تلك الشريعة محفوظة يمكن معرفتها بالتّواتر عن الأول ؛ لأن الرّسول إذا كان هذا حاله لم يمكن أن يعلم من جهة إلّا ما كان قد علم من قبل ، أو يمكن أن يعلم من قبل ، فكما لا يجوز أن يبعث الله رسولا لا شريعة معه أصلا ، فكذا هاهنا ، فثبت أنه لا بد وأن يكونوا قد بعثوا
__________________
ـ (١٩) باب عقد الشيطان على قافية الرأس (١٢) حديث رقم (١١٤٢) ومسلم في الصحيح (١ / ٥٣٨) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (٦) باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح (٢٨) حديث رقم (٢٠٧ / ٧٧٦) وعن القافية قال في شرح السنة (٤ / ٣٣) وأراد بقافية الرأس مؤخر الرأس وأبو داود في السنن حديث رقم (١٣٠٦) ـ وابن ماجه في السنن حديث رقم (١٣٢٩) ـ وأحمد في المسند (٢ / ٢٤٣) وابن خزيمة في صحيحه حديث رقم (١١٣١) ـ والبيهقي في السنن (٢ / ٥٠١) ، (٣ / ١٥) ـ ومالك في الموطأ (١٧٦) وذكره المنذري في الترغيب ١ / ٤٤٢ ، ٤٤٦. والهندي في كنز العمال حديث رقم ٢١٣٧٨.
(١) وهي قراءة يحيى بن يعمر.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٧٦ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٦٧ ، والدر المصون : ١ / ٢٩٢.
(٢) انظر شرح الطيبة : ٤ / ٣٥ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٤٠٤ ، وانظر السابقة.