وقرأ (١) ابن كثير : «القدس» بإسكان الدال ، والباقون بضمها ، وهما لغتان : الضم ل «الحجاز» والإسكان ل «تميم» ، وقد تقدم ذلك ، وقرأ أبو حيوة (٢) : «القدّوس» بواو ، فيه لغة فتح القاف والدال معناه : الطّهارة أو البركة كما [تقدم عند قوله : (وَنُقَدِّسُ لَكَ) [البقرة : ٣٠]](٣) و «الروح» في الأصل : اسم للجزء الذي تحصل به الحياة في الحيوان ، قاله الرّاغب(٤).
فصل في المراد ب «روح القدس»
اختلفوا في «روح القدس» هنا على وجوه :
أحدها : أنه جبريل عليهالسلام ؛ لقول حسّان : [الوافر]
٦٥٠ ـ وجبريل رسول الله فينا |
|
وروح القدس ليس به كفاء (٥) |
قال الحسن : القدس هو الله عزوجل ، وروحه : جبريل ، قال تعالى : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ) [النحل : ١٠٢] وقيل : سمي جبريل روحا للطافته ولمكانته من الوحي الذي هو سبب حياة القلوب.
قال النحاس : وسمي جبريل روحا أو أضيف إلى القدس ؛ لأنه كان بتكوين الله عزوجل له روحا من غير ولادة والد ولده [وقيل : المراد بروح القدس الإنجيل كما قال في القرآن «روحا من أمرنا» لأنه الذي يوحى به](٦) ، وكذلك سمي عيسى روحا لهذا.
وقال ابن عبّاس وسعيد بن جبير : «هو الاسم الأعظم الذي كان يحيي به عيسى الموتى».
وقيل : هو الروح الذي نفخ فيه.
والقدس والقدّوس هو الله ، فنسب روح عيسى إلى نفسه تعظيما وتشريفا ، كما يقال : بيت الله ، وناقة الله ؛ قاله الربيع وغيره ، كقوله : (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) وعلى هذا المراد به الروح الذي يحيى به الإنسان.
[واعلم أن إطلاق الروح على «جبريل» وعلى الإنجيل والاسم الأعظم مجاز](٧).
__________________
(١) ووافقه ابن محيصن.
انظر حجة القراءات : ١٠٥ ، والعنوان : ٧٠ ، والحجة : ٢ / ١٤٨ ، وشرح شعلة : ٢٦٨ ، وإتحاف : ١ / ٤٠٣.
(٢) انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٧٦ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٦٧ ، والدر المصون : ١ / ٢٩٤.
(٣) سقط في أ.
(٤) ينظر المفردات : ٢٠٥.
(٥) ينظر ديوانه : (٦٠) ، تفسير ابن كثير : ١ / ١٢٢ ، روح المعاني : ٥ / ٣١٧ ، الدر المصون : ١ / ٢٩٤.
(٦) سقط في ب.
(٧) سقط في ب.