وهما فعلان من نعم ينعم وبئس يبأس.
والدليل عليه دخول التاء التي هي علامة التأنيث فيهما ، فيقال : نعمت وبئست.
وزعم الكوفيون أنهما اسمان ؛ مستدلين بدخول حرف الجر عليهما في قول حسان : [الطويل]
٦٥٦ ـ ألست بنعم الجار يؤلف بيته |
|
من النّاس ذا مال كثير ومعدما (١) |
وبما روي أن أعرابيّا بشر بمولودة فقيل له : نعم المولودة مولودتك! فقال : «والله ما هي بنعم المولودة : نصرتها بكاء ، وبرّها سرقة» و «نعم السّير على بئس العير». وقوله : [الرجز]
٦٥٧ ـ صبّحك الله بخير باكر |
|
بنعم طير وشباب فاخر (٢) |
وخرجه البصريون على حذف موصوف ، قامت صفته مقامه ، تقديره : والله ما هي بمولودة مقول فيها : نعم المولودة.
فصل في نعم وبئس
اعلم أنّ «نعم وبئس» أصلان للصّلاح والرّداءة ، ويكون فاعلهما اسما يستغرق الجنس إما مظهرا وإما مضمرا ، فالمظهر على وجهين :
الأول : كقولك : «نعم الرجل زيد» لا تريد رجلا دون رجل ، وإنما تقصد الرّجل على الإطلاق.
والثاني : نحو قولك : «نعم غلام الرّجل زيد».
وأما قوله : [البسيط]
٦٥٨ ـ فنعم صاحب قوم لا سلاح لهم |
|
وصاحب الرّكب عثمان بن عفانا (٣) |
فنادر.
وقيل : كان ذلك لأجل أن قوله : «وصاحب الركب» قد دل على المقصود ؛ إذ المراد واحد ، فإذا أتى بالمركّب بالألف واللام ، فكأنه قد أتى به في القوم ، وأما المضمر فكقولك : «نعم رجلا زيد» الأصل : نعم الرجل رجلا زيد الأصل ثم ترك ذكر الأول ؛ لأن النكرة المنصوبة تدل عليه.
__________________
(١) ينظر ديوانه : (٢١٩) ، ابن يعيش : (٧ / ١٢٧).
(٢) ينظر الهمع : ٢ / ٨٤ ، العيني : ٤ / ٥٢ ، الأشموني : ٣ / ٢٧ ، الدرر : ٢ / ١٠٨ ، الدر المصون : ١ / ٢٩٩.
(٣) البيت لكثير بن عبد الله النهشلي ينظر في الدرر : ٥ / ٢١٣ ، وشرح شواهد الإيضاح : ص ١٠٠ ، والمقاصد النحوية : ٤ / ١٧ ، وله أو لأوس بن مغراء أو لحسان بن ثابت في خزانة الأدب : ٩ / ٤١٥ ، ٤١٧ ، وشرح المفصل : ٧ / ١٣١ ، وليس في ديوان حسان ، وبلا نسبة في شرح الأشموني : ٢ / ٣٧١ ، والمقرب : ١ / ٦٦ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٨٦.