بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٤٠)
[اعلم] أنه لما أقام دلائل التوحيد ، والنبوة ، والمعاد أولا ، ثم عقبها بذكر الإنعامات العامّة لكل البشر عقبها بذكر الإنعامات الخاصّة على أسلاف اليهود استمالة لقلوبهم ، وتنبيها على ما يدلّ على نبوة «محمد عليه الصّلاة والسّلام» من حيث كونها إخبارا عن الغيب ، موافقا لما كان موجودا في التّوراة والإنجيل من غير تعلّم ، ولا تتلمذ.
قوله : (يا بَنِي) منادى منصوب وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكّر سالم ، وحذفت نونه للإضافة ، وهو شبيه بجمع التّكسير لتغير مفرده ، ولذلك عاملته العرب ببعض معاملة جمع التكسير ، فألحقوا في فعله المسند إليه تاء التأنيث ، نحو : «قالت بنو فلان» ، وقال الشاعر : [البسيط]
٤٢٤ ـ قالت بنو عامر خالوا بني أسد |
|
يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام (١) |
وأعربوه بالحركات أيضا إلحاقا له به ، قال الشاعر : [الوافر]
٤٢٥ ـ وكان لنا أبو حسن عليّ |
|
أبا برّا ونحن له بنين (٢) |
[فقد روي بنين](٣) برفع النون ، وهل لامه ياء ؛ لأنه مشتقّ من البناء ؛ لأن الابن من فرع الأب ، ومبنيّ عليه ، أو واو ؛ لقولهم : البنوّة كالأبوّة والأخوّة ؛ قولان.
__________________
(١) البيت للنابغة الذبياني ينظر ديوانه : ص ٨٢ ، والإنصاف : ١ / ٣٣٠ ، وتذكرة النحاة : ص ٦٦٥ ، وخزانة الأدب : ٢ / ١٣٠ ـ ١٣٢ ، ١١ / ٣٣ ، ٣٥ ، والدرر : ٣ / ١٩ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ٣٣٢ ، وشرح أبيات سيبويه : ٢ / ٢١٨ ، وشرح شواهد الإيضاح : ص ٤٥٨ ، والشعر والشعراء : ١ / ١٠١ ، والكتاب : ٢ / ٢٧٨ ، ولسان العرب (خلا) ، وجواهر الأدب : ص ١١٥ ، ٢٢٨ ، والخصائص : ٣ / ١٠٦ ، ورصف المباني : ص ١٦٨ ، ٢٤٥ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي : ١٤٨٣ ، وشرح المفصل : ٣ / ٦٨ ، ٥ / ١٠٤ ، واللامات : ص ١٠٩ ، وهمع الهوامع : ١ / ١٧٣ ، الدر المصون : ١ / ٢٠٢.
(٢) البيت لأحد أولاد علي بن أبي طالب ينظر شرح التصريح : ١ / ٧٧ ، والمقاصد النحوية : ١ / ١٥٦ ، ولسعيد بن قيس الهمداني ينظر خزانة الأدب : ٨ / ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٨ ، أوضح المسالك : ١ / ٥٥ ، وخزانة الأدب : ٨ / ٦٠ ، الدر المصون : ١ / ٢٠٢.
(٣) سقط في أ.