ومعه علم الله ، أو مقرونا بإذن الله ونحو ذلك.
والرابع : أنه المصدر المعروف وهو الضرر ، إلا أنه حذف للدلالة عليه.
فصل في تأويل الإذن
قال ابن الخطيب (١) : الإذن حقيقة في الأمر والله لا يأمر بالسحر ، لأنه ـ تعالى ـ أراد عيبهم وذمهم عليه ، ولو كان قد أمرهم به لما جاز أن يذمهم عليه ، فلا بد من التأويل ، وفيه وجوه :
أحدها : قال الحسن : المراد منه التّخلية يعني الساحر إذا سحر إنسانا ، فإن شاء الله تعالى منعه منه ، وإن شاء خلّى بينه وبين ضرر السحر.
وثانيها : قال الأصم : المراد : «إلّا بعلم الله» ، وإنما سمي الأذان أذانا ، لأنه إعلام للناس بدخول وقت الصلاة ، وسمي الإيذان إيذانا ؛ لأن بالحاسة به تدرك الإذن ، وكذلك قوله تعالى : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِ) [التوبة : ٣] أي : إعلام ، وقوله تعالى (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة : ٢٧٩] معناه : فاعلموا ، وقوله : (آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ) [الأنبياء : ١٠٩] يعني : أعلمتكم.
وثالثها : أن الضرر الحاصل عند فعل السّحر إنما يحصل بخلق الله ، وإيجاده وإبداعه ، وما كان كذلك فإنه يصح أن يضاف إلى إذن الله ـ تعالى ـ كما قال : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل : ٤٠].
ورابعها : أن يكون المراد بالإذن الأمر ، وهذا الوجه لا يليق إلّا بأن يفسّر التفريق بين المرء وزوجه بأن يصير كافرا ، والكفر يقتضي التفريق ، فإنّ هذا حكم شرعي ، وذلك لا يكون إلا بأمر الله تعالى.
قوله : (وَلا يَنْفَعُهُمْ) في هذه الجملة وجهان.
أحدهما : وهو الظاهر أنها عطف على «يضرهم» فتكون صلة ل «ما» أيضا ، فلا محلّ لها من الإعراب.
والثاني ، وأجازه أبو البقاء : أن تكون خبرا لمبتدأ مضمر تقديره : وهو لا ينفعهم ، وعلى هذا فتكون «الواو» للحال ، والجملة من المبتدأ والخبر في محلّ نصب على الحال ، وهذه الحال تكون مؤكّدة ؛ لأن قوله : «ما يضرهم» يفهم منه عدم النفع.
قال أبو البقاء : ولا يصح عطفه على «ما» ؛ لأن الفعل لا يعطف على الاسم.
وهذا من المواضع المستغنى عن النصّ على منعها لوضوحها ، وإنما ينص على منع شيء يتوهم جوازه.
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي : ٣ / ٢٠١.