كما تقدم ، و «من» موصولة في محلّ رفع بالابتداء ، و «اشتراه» صلتها وعائدها.
و «ما له في الآخرة من خلاق» جملة من مبتدأ وخبر ، و «من» زائدة في المبتدأ ، والتقدير : ما له خلاق في الآخرة.
وهذه الجملة في محل رفع خبر ل «من» الموصولة ، فالجملة من قوله : (وَلَقَدْ عَلِمُوا) مقسم عليها كما تقدم ، و (لَمَنِ اشْتَراهُ) غير مقسم عليها ، هذا مذهب سيبويه رحمهالله تعالى والجمهور.
الثاني : وهو قول الفراء ، وتبعه أبو البقاء : أن تكون هذه اللام هي الموطّئة للقسم ، و «من» شرطية في محل رفع بالابتداء ، و (ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) جواب القسم ، ف «اشتراه» على القول الأول صلة ، وعلى الثاني خبر لاسم الشرط ، ويكون جواب الشرط محذوفا ؛ لأنه إذا اجتمع شرط وقسم ، ولم يتقدمهما ذو خبر أجيب سابقهما غالبا ، وقد يجاب الشرط مطلقا كقوله : [الطويل]
٧١٧ ـ لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا |
|
أصم في نهار القيظ للشّمس باديا (١) |
ولا يحذف جواب الشرط إلا وفعله ماض ، وقد يكون مضارعا كقوله : [الطويل]
٧١٨ ـ لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم |
|
ليعلم ربّي أنّ بيتي واسع (٢) |
فعلى قول الفرّاء تكون الجملتان من قوله : (وَلَقَدْ عَلِمُوا) ، و (لَمَنِ اشْتَراهُ) مقسما عليهما ونقل عن الزجاج منع قول الفراء فإنه قال : هذا ليس موضع شرط ولم يوجه منع ذلك ، والذي يظهر في منعه ، أن الفعل بعد «من» وهو «اشتراه» ماض لفظا ومعنى ، فإن الاشتراء قد وقع وانفصل ، فجعله شرطا لا يصح ؛ لأن فعل الشرط وإن كان ماضيا لفظا ، فلا بد أن يكون مستقبلا معنى.
فصل في أوجه استعارة لفظ الشراء
واستعير لفظ الشراء لوجوه :
أحدها : أنهم لما نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، وأقبلوا على التمسّك بما تتلو الشّياطين ، فكأنهم قد اشتروا ذلك السحر بكتاب الله تعالى.
__________________
(١) البيت لامرأة من عقيل. ينظر خزانة الأدب : ١١ / ٣٢٨ ، ٣٢٩ ، والدرر : ٤ / ٢٣٧ ، وشرح التصريح : ٢ / ٢٥٤ ، وأوضح المسالك : ٤ / ٢١٩ ، وشرح الأشموني : ٣ / ٥٩٥ ، ولسان العرب (ختم) ، ومغني اللبيب : ١ / ٢٣٦ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٤٣ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٦١٠ ، والمقاصد النحوية : ٤ / ٤٣٨ ، والدر المصون : ١ / ٣٢٨.
(٢) البيت للكميت بن معروف ينظر خزانة الأدب : ١٠ / ٦٨ ، ٧٠ ، ١١ / ٣٣١ ، ٣٥١ ، ٤٢٩ ، شرح الأشموني : ٢ / ٤٩٦ ، ٥٩٥ ، وشرح التصريح : ٢ / ٢٥٤ ، والمقاصد النحوية : ٤ / ٣٢٧ ، والدر المصون : ١ / ٣٢٩.