مرفوع التلاوة والحكم جميعا ، والخمس مرفوع التلاوة ثابت الحكم.
ويروى أيضا أن سورة «الأحزاب» كانت بمنزلة السبع الطوال ، أو أزيد ، ثم انتقص منها.
[وروى ابن شهاب ، قال : حدثني أبو أمامة في مجلس سعيد بن المسيب أن رجلا قام من الليل ليقرأ سورة من القرآن ، فلم يقدر على شيء منها ، وقام آخر فلم يقدر على شيء منها فغدوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال أحدهم : قمت الليل يا رسول الله لأقرأ سورة من القرآن فلم أقدر على شيء ، فقام الآخر ، فقال : وأنا كذلك يا رسول الله ، فقال الآخر : فإنا والله كذلك يا رسول الله فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّها ممّا نسخ الله البارحة» (١)
وسعيد بن المسيّب يسمع ما يحدث به أبو أمامة ، فلا ينكره.
فصل في بيان أنه ليس شرطا البدل في النسخ
قال قوم : لا يجوز نسخ الحكم إلّا إلى بدل واحتجوا بهذه الآية.
وأجيبوا بأن نفي الحكم ، وإسقاط التعبّد به خير من ثبوته في ذلك الوقت ، وقد نسخ تقديم الصدقة بين يدي الرسول لا إلى بدل](٢).
فصل في جواز النسخ بالأثقل
قال قوم : لا يجوز نسخ الشيء إلى ما هو أثقل منه ، واحتجوا بأن قوله : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) ينافي كونه أثقل ؛ لأن الأثقل لا يكون خيرا منه ولا مثله.
وأجيب : بأن المراد بالخير ما يكون أكثر ثوابا في الآخرة ، ثم إن الذي يدلّ على وقوعه أن الله ـ سبحانه ـ نسخ في حقّ الزناة الحبس في البيوت إلى الجلد والرجم ، ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان ، وكانت الصّلاة ركعتين عند قوم ، فنسخت بأربع في الحضر.
وأما نسخه إلى الأخف ، فكنسخ العدّة من حول إلى أربعة أشهر وعشرة ، وكنسخ صلاة اللّيل إلى التخيير فيها.
وأما نسخ الشيء إلى المثل فتحويل القبلة.
فصل : الكتاب لا ينسخ بالسّنّة المتواترة
قال الشافعي رضي الله عنه : الكتاب لا ينسخ بالسّنة المتواترة ، واستدل بهذ الآية
__________________
(١) أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٢ / ٢٨٨) وفي «الأوسط» كما في «مجمع الزوائد» (٦ / ٣١٨) ، (٧ / ١٥٤ ، ١٥٦) للهيثمي.
وقال : رواه الطبراني في «الأوسط» وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك. والأثر ذكره ابن كثير في «التفسير» (١ / ١٠٤).
(٢) سقط في ب.