والملك بالضم الشيء المملوك ، وكذلك هو بالكسر ، إلا أنّ المضموم لا يستعمل إلا في مواضع السّعة وبسط السلطان.
وتقدم الكلام في حقيقة الملك في قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة : ٤].
قوله : (وَما لَكُمْ) يجوز في «ما» وجهان.
أحدهما : أن تكون تميمة ، فلا عمل لها ، فيكون «لكم» خبرا مقدما ، و «من وليّ» مبتدأ مؤخرا زيدت فيه «من» ، فلا تعلّق لها بشيء.
والثاني : أن تكون حجازية ، وذلك عند من يجيز تقديم خبرها ظرفا أو حرف جر ، فيكون «لكم» في محلّ نصب خبرا مقدما ، و «من وليّ» اسمها مؤخرا ، و «من» فيه زائدة أيضا.
و (مِنْ دُونِ اللهِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق بما تعلق به «لكم» من الاستقرار المقدر ، و «من» لابتداء الغاية.
والثاني : أنه في محلّ نصب على الحال من قوله : «من ولي أو نصير» ؛ لأنه في الأصل صفة للنكرة ، فلما قدم عليها انتصب حالا قاله أبو البقاء رحمهالله تعالى.
فعلى هذا يتعلّق بمحذوف غير الذي تعلّق به «لكم» ، ومعنى (مِنْ دُونِ اللهِ) سوى الله ؛ كما قال أمية بن أبي الصلت [البسيط]
٧٢٩ ـ يا نفس ما لك دون الله من واق |
|
[وما على حدثان الدّهر من باق(١)(٢) |
والولي : من وليت أمر فلان ، أي قمت به ، ومنه : وليّ العهد أي : المقيم بما عهد إليه من أمر المسلمين.
(وَلا نَصِيرٍ) عطف على لفظ «وليّ» ولو قرىء برفعه على الموضع لكان جائزا ، وأتي بصيغة «فعيل» في «ولي» و «نصير» ؛ لأنها أبلغ من فاعل ، ولأن «وليا» أكثر استعمالا من «وال» ولهذا لم يجىء في القرآن إلا في سورة «الرعد».
وأيضا لتواخي الفواصل وأواخر الآي.
وفي قوله : (لَكُمْ) التفات من خطاب الواحد لخطاب الجماعة ، وفيه مناسبة ، وهو أن المنفيّ صار نصّا في العموم بزيادة «من» فناسب كون المنفي عنه كذلك فجمع لذلك.
فصل في أن الملك غير القدرة
استدل بعضهم بهذه الآية على أن الملك غير القدرة.
__________________
(١) ينظر القرطبي : ٢ / ٦٩ ، مجمع البيان : ١ / ٤١١ ، تفسير الطبري : ٢ / ٤٨٩.
(٢) سقط في أ.