وانتصاب «مثل قولهم» حينئذ إما على أنه نعت لمصدر محذوف ، أو مفعول ب «يعلمون» تقديره](١) مثل قول اليهود والنصارى قال الذين لا يعلمون اعتقاد اليهود والنصارى ، ولا يجوز أن ينتصب نصب المفعول يقال لأنه أخذ مفعوله ، وهو العائد على المبتدأ ، ذكر ذلك أبو البقاء ، وفيه نظر من وجهين :
أحدهما : أن الجمهور يأبي جعل الكاف اسما.
والثاني : حذف العائد المنصوب ، [والنحاة](٢) ينصّون على منعه ، ويجعلون قوله : [السريع]
٧٤٥ ـ وخالد يحمد ساداتنا |
|
بالحقّ لا يحمد بالباطل (٣) |
ضرورة.
[وللكوفيين في هذا تفصيل](٤).
فصل في المراد بالذين لا يعلمون
قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) يقتضي أن من تقدم ذكره يجب أن يكون عالما لكي يصح هذا الفرق.
واختلفوا في (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فقال مقاتل رحمهالله : إنهم مشركو العرب قالوا (٥) في نبيهم محمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه : إنهم ليسوا على شيء من الدين ، فبيّن تعالى أنه إذا كان قول اليهود والنّصارى ، وهم يقرؤون الكتاب لا يلتفت إليه فقول كفار العرب أولى ألّا يلتفت إليه.
وقال مجاهد : عوام النصارى فصلا بين خواصهم وعوامهم.
وقال عطاء : أسماء كانت قبل اليهود والنصارى مثل قوم نوح ، وقوم هود وصالح ، ولوط وشعيب ، قالوا لنبيهم : إنه ليس على (٦) شيء.
وقيل : إن حملنا قوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) على الحاضرين في زمن صلىاللهعليهوسلم حملنا قوله : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) على المعاندين المتقدمين ويحتمل العكس.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : النحويين.
(٣) البيت في مغني اللبيب : ٢ / ٦١١ ، والمقرب : ١ / ٨٤ ، والدر المصون : ١ / ٣٤٧.
(٤) سقط في ب.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢ / ٥١٧) عن السدّي ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٠٣).
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢ / ٥١٧) عن ابن جريج عن عطاء ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٠٣).