هي بنفسها بعدم تعاهدها بالعمارة ، ويقال : منزل خراب وخرب ؛ كقوله : [البسيط]
٧٤٧ ـ ما ربع ميّة معمورا يطيف به |
|
غيلان أبهى ربا من ربعها الخرب (١) |
فهو على الأول مضاف للمفعول وعلى الثاني مضاف للفاعل.
فصل في تعلق الآية بما قبلها
في كيفية اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه :
فأما من حملها على النصارى ، وخراب «بيت المقدس» قال : تتصل بما قبلها من حيث النصارى ادّعوا أنهم من أهل الجنة فقط. فقيل لهم : كيف تكونون كذلك مع أن معاملتكم في تخريب المساجد ، والسعي في خرابها هكذا؟ وأما من حمله على المسجد الحرام ، وسائر المساجد ، قال : جرى ذكر مشركي العرب في قوله تعالى : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).
وقيل : [ذم جميع الكفار](٢) ، فمرة وجه الذّنب إلى اليهود والنصارى ، ومرة إلى المشركين.
فصل فيمن خرب «بيت القدس»
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه : [إن ملك النصارى غزا «بيت المقدس» فخربه ، وألقى فيه الجيف ، وحاصر أهله ، وقتلهم ، وسبى البقية ، وأحرق التوراة](٣) ، ولم يزل «بيت المقدس» خرابا حتى بناه أهل الإسلام في زمن عمر (٤).
وقال الحسن وقتادة والسدي : نزلت في بخت نصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس ، وأعانه على ذلك [الرومي وأصحابه النصارى من أهل «الروم» (٥).
قال السدي : من أجل أنهم قتلوا يحيى بن زكريا عليهماالسلام (٦).
قال قتادة : حملهم بغض اليهود على معاونة بخت نصر البابلي المجوسي (٧)](٨).
قال أبو بكر الرازي رحمهالله تعالى في «أحكام القرآن» : هذان الوجهان غلطان ؛
__________________
(١) البيت لأبي تمام. ينظر ديوانه : (١٩) ، البحر المحيط : ١ / ٥٢٥ ، الدر المصون : ١ / ٣٤٩.
(٢) في ب : جرى ذكر جميع الكفار وذمهم.
(٣) في أبدل هذه العبارة ما يلي :
إن ططيوس بن استسيانوس الرومي ملك النصارى وأصحابه غزا بني إسرائيل ، وقتل مقاتلتهم ، وسبى ذراريهم ، وأحرق التوراة ، وخرّب «بيت المقدس» ، وقذف فيه الجيف ، وذبح فيه الخنازير.
(٤) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (٤ / ٩).
(٥) أخرجه الطبري (٢ / ٥٢٠) وعبد بن حميد كما في «الدر المنثور» للسيوطي (١ / ٢٤).
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢ / ٥٢١) عن السدّي.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢ / ٥٢٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٠٤).
(٨) سقط في ب.