«يثرب» فأنزلهم المسجد بقوله عليه الصلاة والسلام : «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل الكعبة فهو آمن».
وهذا يقتضي إباحة الدخول.
وأيضا فالكافر جاز له دخول سائر المساجد ، فكذلك المسجد الحرام كالمسلم.
والجواب عن الحديثين : أنهما كانا في أول الإسلام ، ثم نسخ ذلك بالآية ، وعن القياس أن المسجد الحرام [أعظم] قدرا من سائر المساجد ، فظهر الفرق ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ)(١١٥)
قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) : جملة مرتبطة بقوله : (مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) ، (وَسَعى فِي خَرابِها).
يعني : أنه إن سعى في المنع من ذكره ـ تعالى ـ وفي خراب بيوته ، فليس ذلك مانعا من أداء العبادة في غيرها ؛ لأن المشرق والمغرب ، وما بينهما له تعالى ، والتنصيص على ذكر المشرق والمغرب دون غيرها لوجهين :
أحدهما : لشرفهما حيث جعلا لله تعالى.
والثاني : أن يكون من حذف المعلوم للعلم ، أي : لله المشرق والمغرب وما بينهما ، كقوله : (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] أي والبرد ؛ وكقول الشاعر : [البسيط]
٧٤٨ ـ تنفي يداها الحصى في كلّ هاجرة |
|
نفي الدّراهيم تنقاد الصّياريف (١) |
أي : يداها ورجلاها ؛ ومثله : [الطويل]
٧٤٩ ـ كأنّ الحصى من خلفها وأمامها |
|
إذا نجلته رجلها خذف أعسرا (٢) |
أي : رجلها ويداها.
وفي المشرق والمغرب قولان :
__________________
(١) البيت للفرزدق ينظر الكتاب : ١ / ٢٨ ، وشرح التصريح : ٢ / ٣٧١ ، وخزانة الأدب : ٤ / ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، ولسان العرب (صرف) ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٥٢١ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ٢٥ ، والإنصاف : ١ / ٢٧ ، وأسرار العربية : ص ٤٥ ، والأشباه والنظائر : ٢ / ٢٩ ، وأوضح المسالك : ٤ / ٣٧٦ ، وتخليص الشواهد : ص ١٦٩ ، والمقتضب : ٢ / ٢٥٨ ، وتخليص الشواهد : ص ١٦٩ ، وجمهرة اللغة : ص ٧٤١ ، وسر صناعة الإعراب : ٢ / ٧٦٩ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٣٣٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي : ص ١٤٧٧ ، وشرح ابن عقيل : ص ٤١٦ ، وشرح قطر الندى : ص ٢٦٨ ، ورصف المباني : ٢ / ٤٤٦ ، والممتع في التصريف : ١ / ٢٠٥.
(٢) البيت لامرىء القيس ينظر ديوانه : ص ٦٤ ، شرح عمدة الحافظ : ص ٦٤٧ ، لسان العرب (خذف) (نجل) ، المقاصد النحوية : ٤ / ١٦٩ ، والدر المصون : ١ / ٣٥٠.