الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)(١٢٠)
والرّضا : ضد الغضب ، وهو من ذوات «الواو» لقولهم : الرضوان ، والمصدر : رضا ورضاء بالقصر والمد ، ورضوانا ورضوانا بكسر «الفاء» وضمها.
قال القرطبي رحمهالله : رضي يرضى رضا ورضاء ورضوانا ورضوانا ومرضاة ، وهو من ذوات «الواو» ويقال في التثنية : رضوان ، وحكى الكسائي رحمهالله : رضيان ، وحكى رضاء ممدود ، وكأنه مصدر راضى يراضي مراضاة ورضاء.
وقد يتضمّن معنى «عطف» فيتعدى ب «على» ؛ قال : [الوافر]
٧٦٩ ـ إذا رضيت عليّ بنو قشير |
|
..........(١) |
والملّة في الأصل : الطريقة ، يقال : طريق مملّ ، أي : أثّر فيه [المشي](٢) ، ويعبر بها عن الشريعة تشبيها بالطريقة.
وقيل : بل اشتقت من «أمللت» ؛ لأن الشريعة فيها من يملي ويملى عليه.
فصل في سبب نزول هذه الآية
اعلم أنه ـ تعالى ـ لما بين أن العلّة قد انزاحت من قبله لا من قبلهم ، وأنه لا عذر لهم في الثبات على التكذيب به عقب ذلك بأن القوم بلغ حالهم في [تشددهم في باطلهم ، وثباتهم على كفرهم](٣) أنهم يريدون منك أن تتبع ملّتهم ، ولا يرضون منك بالكفر ، بل الموافقة لهم في دينهم وطريقتهم.
قال ابن عباس رحمهالله : هذا في القبلة ، وذلك أن يهود «المدينة» ونصارى «نجران» كانوا يرجون النبي صلىاللهعليهوسلم حين كان يصلّي إلى قبلتهم ، فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة أيسوا منه الموافقة على دينهم فنزلت هذه الآية (٤).
وقيل : كانوا يسألون النبي صلىاللهعليهوسلم الهدنة ، ويطمعونه أنه إن أمهلهم اتبعوه ، فأنزل الله هذه الآية.
معناه : إنك إن هادنتهم ، فلا يرضون بها ، ولا يطلبون ذلك تعللا ولا يرضون منك إلا باتباع ملتهم (٥).
قوله : (تَتَّبِعَ) منصوب ب «أن» مضمرة بعد «حتى» قاله الخليل ، وذلك أن «حتى» خافضة بالاسم لقوله عزوجل : (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر : ٥] وما يعمل في الاسم لا
__________________
(١) تقدم برقم ٨٠.
(٢) في أ : الشمس.
(٣) في أ : ثباتهم على الكفر.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٠٩) وعزاه للثعلبي عن ابن عباس.
(٥) ذكره البغوي في تفسيره ١ / ١١٠.