٦٥] ، فالخطاب مع الرسول صلىاللهعليهوسلم والمراد الأمة. (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) البيان بأن دين الله هو الإسلام ، والقبلة قبلة إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهي الكعبة.
(ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي معين يعصمك ويذبّ عنك.
فصل فيما تدل عليه الآية
قالوا : الآية تدلّ على أمور : منها أن الذي علم الله منه أنه لا يفعل الشيء يجوز منه أن يتوعده على فعله.
وثانيها : أنه لا يجوز الوعيد إلا بعد نصب الأدلّة ، ويبطل القول بالتقليد.
وثالثها : أن اتباع الهوى لا يكون إلا باطلا فمن هذا الوجه يدلّ على بطلان التقليد.
ورابعها : سئل الإمام أحمد ـ رحمهالله ـ عمن يقول : القرآن مخلوق ، فقال : كافر.
فقيل : بم كفرته؟ فقال : بآية من كتاب الله تعالى ، (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) [البقرة : ١٤٥] فالقرآن من علم الله تعالى ، فمن زعم أنه مخلوق فقد كفر.
قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)(١٢٣)
قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) رفع بالابتداء ، وفي خبره وجهان :
أحدهما : «يتلونه» ، وتكون الجملة من قوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ :) إما مستأنفة وهو الصحيح.
وإما حالا على قول ضعيف تقدم مثله أول السورة.
والثاني : أن الخبر هو الجملة من قوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ).
ويكون «يتلونه» في محلّ نصب على الحال إما من المفعول في «آتيناهم» وإما من الكتاب ، وعلى كلا القولين فهي حال مقدرة ؛ لأن وقت الإيتاء لم يكونوا تالين ، ولا كان الكتاب متلوّا.
وجوز (١) الحوفي أن يكون «يتلونه» خبرا ، و (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ) خبرا بعد خبر ، قال : مثل قولهم : «هذا حلو حامض» كأنه يريد جعل الخبرين في معنى خبر واحد ، هذا إن أريد ب «الذين» قوم مخصوصون.
__________________
(١) علي بن إبراهيم بن سعيد ، أبو الحسن الحوفي : نحوي ، من العلماء باللغة والتفسير. من أهل الحوف (بمصر) ، من كتبه «البرهان في تفسير القرآن» كبير جدّا ، و «الموضح» في النحو ، و «مختصر كتاب العين» توفي سنة ٤٣٠ ه.
انظر بغية الوعاة : ٣٢٥ ، وفيات الأعيان : ١ / ٣٣٢ ، إنباه الرواة : ٢ / ٢١٩ ، مفتاح السعادة : ١ / ٤٣٨ ، الأعلام : ٤ / ٢٥٠.