أحدها : فعليّة ، والياء أيضا تحتمل أن تكون للنسب ، ولم يشذّوا فيه بتغيير كما شذّوا في الضم والكسر وألّا يكون نحو : برنية.
الثاني : فعّولة ك «خرّوبة» والأصل ذرّورة.
الثالث : فعّيلة ك «سكينة» والأصل : ذريرة.
الرابع : فعلولة ك «بكّولة» ، والأصل ذرورة أيضا ، ففعل به ما تقدم في نظيره من إبدال الراء الأخيرة ، وإدغام ما قبلها فيها وكسرت الذال إتباعا ، وبهذا الضبط الذي فعلته اتضح القول في هذه اللفظة.
فصل في معنى الذّرية
النسل يقع على الذكور الإناث ، والجمع الذراري.
وزعم بعضهم أنها تقع على الآباء كوقوعها على الأبناء مستدلّا بقوله عزوجل : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [يس : ٤١] يعني : نوحا ـ عليه الصلاة والسلام ـ ومن معه ، وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
فصل
هل كان إبراهيم عليه ـ السّلام ـ مأذونا له في قوله تعالى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أو لم يكن مأذونا فيه؟ فإن أذن الله ـ تعالى ـ في هذا الدعاء فلم ردّ دعاءه؟ وإن لم يأذن له فيه كان ذنبا.
قلنا : قوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) يدلّ على أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ طلب أن يكون بعض ذريته أئمة ، وقد حقق الله ـ تعالى ـ إجابة دعاءه في المؤمنين من ذريته ك «إسماعيل» ، و «يعقوب» ، و «يوسف» ، و «موسى» ، و «هارون» و «داود» ، و «سليمان» ، و «أيّوب» ، و «يونس» ، و «زكريا» ، و «يحيى» ، و «عيسى» ، عليهمالسلام وجعل آخرهم نبينا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من ذرّيته الذي هو أفضل الخلق عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.
قوله تعالى : (قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
الجمهور على نصب (الظَّالِمِينَ) مفعولا ، و (عَهْدِي) فاعل ، أي : لا يصل عهدي إلى الظالمين فيدركهم.
وقرأ (١) قتادة ، والأعمش ، وأبو رجاء : «الظالمون» بالفاعلية ، و «عهدي» مفعول به ، والقراءتان ظاهرتان ؛ إذ الفعل يصحّ نسبته إلى كل منهما ، فإن من نالك فقد نلته.
__________________
(١) وقرأ بها ابن مسعود ، وطلحة بن مصرف.
انظر القرطبي : ٢ / ٧٤ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٢٠٧ ، والبحر المحيط : ١ / ٥٤٨ ، والدر المصون : ١ / ٣٦٣ ، وإعراب النحاس : ١ / ٢٠٩ ، والشواذ : ٩ ، والتخريجات النحوية : ٣٦٢.