ويقال : عكف يعكف ويعكف ، بالفتح في الماضي ، والضم والكسر في المضارع ، وقد قرىء (١) بهما.
و «السّجود» يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أنه جمع ساجد نحو : قاعد وقعود ، وراقد ورقود ، وهو مناسب لما قبله.
والثاني : أنه مصدر نحو : الدخول والقعود ، فعلى هذا لا بد من حذف مضاف أي : ذوي السّجود ذكره أبو البقاء.
وعطف أحد الوصفين على الآخر في قوله : «الطائفين والعاكفين» لتباين ما بينهما ، ولم يعطف إحدى الصّفتين على الأخرى في قوله : (الرُّكَّعِ السُّجُودِ) ؛ لأن المراد بهما شيء واحد وهو الصلاة إذ لو عطف لتوهم أن كل واحد منهما عبادة على حيالها ، وجمع صفتين جمع سلامة ، وأخريين جمع تكسير لأجل المقابلة ، وهو نوع من الفصاحة ، وأخر صيغة «فعول» على «فعّل» ؛ لأنها فاصلة.
فصل في الكلام على الأوصاف الثلاثة المتقدمة
في هذه الأوصاف الثلاثة قولان :
أحدهما : أن يحمل ذلك على فرق ثلاثة ؛ لأن من حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه ، فيجب أن يكون الطائفون غير العاكفين والعاكفون غير الركع السجود لتصح فائدة العطف.
فالمراد بالطّائفين : من يقصد البيت حاجّا أو معتمرا ، فيطوف به ، والمراد بالعاكفين : من يقيم هناك ويجاور ، والمراد بالركع السجود : من يصلي هناك.
والثاني : قال عطاء : إنه إذا كان طائفا فهو من الطائفين ، وإذا كان جالسا فهو من العاكفين ، وإذا كان مصليا فهو من الركع السجود. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ العاكفون هم الذي يصلون عند الكعبة (٢).
خصّ الركوع والسجود بالذكر ؛ لأنها أقرب أحوال المصلي إلى الله تعالى.
فصل فيما تدل عليه الآية
هذه الآية تدل على أمور منها :
أنا إذا فسرنا الطائفين بالغرباء ، فحينئذ تدل الآية على أن الطواف للغرباء أفضل من الصلاة ؛ لأنه ـ تعالى ـ كما خصّهم بالطواف دلّ على أن لهم به مزيد اختصاص.
__________________
(١) ستأتي في الأعراف آية ١٣٨.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٤٣) عن ابن عباس.