وقيل : بالبقاء في الدنيا.
وقيل : بهما إلى خروج محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيقتله أو يخرجه من هذه الديار إن قام على الكفر ، [وقيد المتاع بالقلّة](١) ؛ لأن متاع الدنيا قليل بالنسبة إلى متاع الآخرة المؤبد.
وفي الاضطرار قولان :
أحدهما : أن يفعل به ما يتعذّر عليه الخلاص منه ، كما قال الله تعالى : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) [الطور : ١٣] و (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) [القمر : ٤٨] يقال اضطررته إلى الأمر أي : ألجأته [وحملته عليه](٢) وقالوا : إن أصله من الضّر ؛ وهو إدناء الشيء ، ومنه ضرة المرأة لدنوّها.
الثاني : أن يصير الفاعل بالتخويف والتهديد إلى أن يفعل ذلك اختيارا ، كقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) [البقرة : ١٧٣] فوصفه بأنه مضطر إلى تناول الميتة ، إن كان ذلك الأكل فعله ، فيكون المعنى : أن الله ـ تعالى ـ يلجئه إلى أن يختار النار ، ثم بيّن تعالى أن ذلك بئس المصير ؛ لأن نعم المصير ما ينال فيه النعيم والسرور ، وبئس المصير ضده.
قوله : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) المصير فاعل ، والمخصوص بالذم محذوف ، أي : النار ومصير : مفعل من صار يصير ، وهو صالح للزمان والمكان.
وأما المصدر فقياسه الفتح ؛ لأن ما كسر عين مضارعه ، فقياس ظرفيه الكسر ومصدره الفتح ، ولكن النحويين اختلفوا فيما كانت عينه ياء على ثلاثة مذاهب.
أحدها : أنه كالصحيح [وقد تقدم](٣).
والثاني : أنه مخير فيه.
والثالث : أن يتبع المسموع فما سمع بالكسر أو الفتح لا يتعدّى ، فإن كان «المصير» في الآية اسم مكان فهو قياسي اتفاقا ، والتقدير : وبئس المصير النّار كما تقدم ، وإن كان مصدرا على رأي من أجازه فالتقدير : وبئس الصيرورة صيرورتهم إلى النّار.
قوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(١٢٨)
«إذ» عطف على «إذ» قبلها ، فالكلام فيهما واحد.
و «يرفع» في معنى رفع ماضيا ؛ لأنها من الأدوات المخلصة المضارع للمضي.
__________________
(١) في أ : وقبل المتاع فأثقله.
(٢) في أ : فألجأته إليه.
(٣) سقط في ب.