ويقال : المنسك بفتح السين بمعنى الفعل وبكسر السين بمعنى الموضع ، كالمسجد والمشرق والمغرب.
قال الله تعالى : (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ) [الحج : ٣٤] قرىء بالفتح والكسر ، وظاهر الكلام يدلّ على الفعل ، وكذلك قوله عليهالسلام «خذوا عنّي مناسككم» (١) أمرهم بأن يتعلّموا أفعاله في الحجّ ، لا أنه أراد : خذوا عنّي مواضع نسككم ، وبعض المفسرين حمل المناسك على الذبيحة فقط.
قال ابن الخطيب : وهو خطأ ، لأن الذبيحة إنما تسمى نسكا لدخولها تحت التعبّد ، [لا لكونها مذبوحة](٢) ولذلك لا يسمون ما يذبح للأكل بذلك.
قال القرطبي : [قوله تعالى : (مَناسِكَنا) يقال](٣) : إن أصل النّسك في اللغة الغسل ، يقال منه : نسك ثوبه إذا غسله.
وهو في الشرع اسم للعبادة ، يقال : رجل ناسك إذا كان عابدا.
فصل في تسمية عرفات
وقال الحسن : إن جبريل ـ عليهالسلام ـ أرى إبراهيم المناسك كلّها حتى بلغ «عرفات» ، فقال : يا إبراهيم أعرفت ما رأيتك من المناسك؟ قال : نعم [فسميت «عرفات»](٤) فلما كان يوم النحر أراد أن يزور البيت فعرض له إبليس فسد عليه الطريق ، فأمره جبريل ـ عليهالسلام ـ بأن يرميه بسبع حصيات ، ففعل فذهب الشيطان ، ثم عرض له في اليوم الثاني والثالث والرابع كلّ ذلك يأمره جبريل ـ عليهالسلام ـ برمي سبع حصيات (٥)
فبعضهم حمل المناسك هنا على [شعائر](٦) الحج ، وأعماله كالطواف والسعي والوقوف.
وبعضهم حمله على المواقف والمواضع التي يقام فيها شرائع الحج ، مثل «منى» و «عرفات» و «المزدلفة» ونحوها.
__________________
(١) ذكره الرازي في تفسيره ٤ / ٥٧.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : فسمي الوقت : عرفة ، والموضع : عرفات.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٣٣٦ عن جابر بن عبد الله ولفظه : (ألا فخذوا عني مناسككم) والبيهقي في السنن ٥ / ١٢٥ بلفظه وذكره ابن عبد البر في التمهيد ٢ / ٦٩ ، ٩١ ، ٩٨ ، ٤ / ٣٣٣ ، ٥ / ١١٧ ، ٧ / ٢٧٢. وابن حجر في فتح الباري : ١ / ٢١٧ ، ٤٩٩ ـ والزيلعي في نصب الراية : ٣ / ٥٥ ـ وابن كثير في البداية والنهاية : ٥ / ١٨٤ ، ٢١٥.
(٦) في ب : شرائع.