عَلَيْنا) على التوفيق ، وفعل الألطاف ، أو على قبول التوبة من العبد.
والجواب : [قال ابن الخطيب](١) متى لم يخلق الله ـ تعالى ـ داعية موجبة للتوبة استحال حصول التوبة ، فكانت التوبة من الله ـ تعالى ـ لا من العبد ، وتقرير دليل الداعي قد تقدم غير مرّة.
فصل في معنى التوبة
اعلم أن التوبة هي الرجوع ، فمعنى توبة الله ـ تعالى ـ أن يرجع برضاه وتوحيده عليهم ، ومعنى توبة العبد أن يرجع عما ارتكبه من المعاصي ، فمتعلّق التوبة مختلف ، وإذا اختلفت التعلّقات ضعفت دلالة الآية الكريمة على مذهب أهل السّنة.
فصل في الدعاء
قال بعضهم : إذا أراد الله من العبد أن يجيب دعاءه ، فليدع بأسماء الله المناسبة لذلك الدعاء ، فإن كان الدعاء للرحمة والمغفرة ، فليدع باسم الغفار والتواب والرحيم وما أشبهه ، وإن كان دعاؤه لشر ، فليدع بالعزيز والمنتقم ، وبما يناسبه. وتقدم الكلام على قوله : (إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
قوله تعالى : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٢٩)
في ضمير «فيهم» قولان :
أحدهما : أنه عائد على معنى الأمة ؛ إذ لو عاد على لفظها لقال : «فيها» قاله أبو البقاء.
والثاني : أنه يعود على الذّرية بالتأويل المتقدم وقيل : يعود على أهل «مكة» ، ويؤيده : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) [الجمعة : ٢] ، وفي قراءة أبي : «وابعث فيهم في آخرهم رسولا منهم».
قوله : (مِنْهُمْ) في محلّ نصب ، لأنه صفة ل «رسولا» ، فيتعلّق بمحذوف ، أي : رسولا كائنا منهم (٢).
قال ابن الأنباري : يشبه أن يكون أصله من قولهم : ناقة مرسال ورسلة ، إذا كانت سهلة السير ماضية أمام النّوق.
ويقال للجماعة المهملة المرسلة : رسل ، وجمعه أرسال. ويقال : جاء القوم أرسالا ، أي بعضهم في أثر بعض ، ومنه يقال للبن : رسل ، لأنه يرسل من الضرع. نقله القرطبي رحمهالله تعالى.
قوله : «يتلو» في محلّ هذه الجملة ثلاثة أوجه :
__________________
(١) في أ : أنه.
(٢) في أ : كائنا منهم أي : مرسلا ، وهي مفعول الرسالة.