الرابع : أن يتعلق بقوله الصالحين ، وإن كانت «أل» موصولة ؛ لأنه يغتفر في الظروف وشبهها ما لا يغتفر في غيرها اتساعا ، ونظيره قول الشاعر : [الرجز]
٧٩٤ ـ ربّيته حتّى إذا تمعددا |
|
كان جزائي بالعصا أن أجلدا (١) |
الخامس : أن يتعلّق ب «اصطفيناه».
قال الحسين بن الفضل : في الكلام تقديم وتأخير مجازه : ولقد اصطفيناه في الدنيا وفي الآخرة.
وهذا ينبغي ألا يجوز مثله في القرآن لنبوّ السمع عنه.
والاصطفاه : الاختيار ، «افتعال» من صفوة الشيء ، وهي خياره ، وأصله : اصتفى ، وإنما قلبت تاء الافتعال «طاء» مناسبة للصاد لكونها حرف إطباق ، وتقدم ذلك عند قوله : (أَضْطَرُّهُ) [البقرة : ١٢٦].
وأكد جملة الاصطفاء باللام ، والثانية ب «إن» و «اللام» ؛ لأن الثانية محتاجة لمزيد تأكيد ، وذلك أن كونه في الآخرة من الصالحين أمر مغيّب ، فاحتاج الإخبار به إلى فضل توكيد.
وأما اصطفاء الله فقد شاهدوه منه ، ونقله جيل بعد جيل.
قوله تعالى : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (١٣١)
في «إذ» خمسة أوجه :
أصحها : أنه منصوب ب «قال أسلمت» ، أي : قال : أسلمت وقت قول الله له أسلم.
الثاني : أنه بدل من قوله : «في الدنيا».
الثالث : أنه منصوب ب «اصطفيناه».
الرابع : أنه منصوب ب «اذكر» مقدرا ، ذكر ذلك أبو البقاء ، والزمخشري ، وعلى تقدير كونه معمولا ل «اصطفيناه» أو ل «اذكر» مقدرا يبقى قوله : (قالَ : أَسْلَمْتُ) غير منتظم مع ما قبله ، إلّا أن يقدر حذف حرف عطف أي : فقال ، أو يجعل جوابا بسؤال مقدر ، أي : ما كان جوابه؟
فقيل : قال أسلمت.
الخامس : أبعد بعضهم ، فجعله مع ما بعده في محلّ نصب على الحال ، والعامل فيه «اصطفيناه».
__________________
(١) ينظر ديوان العجاج : ٢ / ٢٨١ ، شرح المفصل : ٩ / ١٥١ ، المحتسب : ٢ / ٣١٠ ، الخزانة : ٣ / ٥٦٣ ، المخصص : ١٤ / ١٧٥ ، التهذيب (معد) ، المنصف : ١ / ١٢٩ ، التبيان : ١ / ١١٧ ، الهمع : ١ / ٨٨ ، الدرر : ١ / ٦٦ ، الدر المصون : ١ / ٣٧٤.