الثاني : يكون جمع سلامة بالياء والنون ، وإنما حذفت النون للإضافة ، وقد جاء جمع أب على «أبون» رفعا ، و «أبين» جرا ونصبا ، حكاها سيبويه ؛ قال الشاعر : [المتقارب]
٨٠٣ ـ فلمّا تبيّنّ أصواتنا |
|
بكين وفدّيننا بالأبينا (١) |
ومثله : [الوافر]
٨٠٤ ـ فقلنا أسلموا إنّا أخوكم |
|
.......... (٢) |
والكلام في إبراهيم وما بعده كالكلام فيه بعد جمع التكسير. وإسحاق : علم أعجميّ ، ويكون مصدر أسحق ، فلو سمّي به مذكر لانصرف ، والجمع : أساحقة وأساحيق.
قال القرطبي : ولم ينصرف إبراهيم ، وإسماعيل ، وإسحاق ؛ لأنّها أعجمية.
قال الكسائيّ : وإن شئت صرفت «إسحاق» ، وجعلته من السّحق ، وصرفت «يعقوب» وجعلته من الطّير.
وسمى الله تعالى كل واحد من العم والجد أبا ، وبدأ بذكر الجد ، ثم إسماعيل العم ؛ لأنّه أكبر من إسحاق.
فصل في تحرير اختلاف الفقهاء في كون الجد أبا
ذهب أبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ إلى أن الجد أب ، وأسقط به الإخوة ، والأخوات ، وهو قول أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وابن عباس وعائشة ، وجماعة من الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ ومن التابعين ، والحسن ، وطاوس وعطاء.
وذهب الشافعي إلى أن الجد لا يسقط الإخوة والأخوات للأب ، وهو قول عمر ، وعثمان ، وعلي ـ رضي الله عنهم ـ وهو قول مالك ، وأبي يوسف ومحمد.
__________________
(١) البيت لزياد بن واصل السلمي. ينظر خزانة الأدب : ٤ / ٤٧٤ ، ٤٧٧ ، وشرح أبيات سيبويه : ٢ / ٢٨٤ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب : ٤ / ١٠٨ ، ٤٦٧ ، ولسان العرب (أبي) ، والمحتسب : ١ / ١١٢ ، والمقتضب : ٢ / ١٧٤ ، والأشباه والنظائر : ٤ / ٢٨٦ ، والكتاب : ٣ / ٤٠٦ ، وشرح المفصل : ٣ / ٣٧ ، والخصائص : ١ / ٣٤٦ ، والدر المصون : ١ / ٣٨٠.
(٢) البيت للعباس بن مرداس السلمي ، ورواية البيت :
فقلنا أسلموا إنّا أخوكم |
|
وقد برئت من الإحن الصّدور |
ينظر الديوان : ص ٥٢ ، السيرة النبوية : ٢ / ٤٥١ ، مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٧٩ ، ١ / ١٣١ ، الجمهرة : ٣ / ٤٨٤ ، سر صناعة الإعراب : ١ / ٢٥٨ ، اللسان (أخو) ، القرطبي : ٢ / ١٣٩ ، إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس : (١ / ٢٦٥) ، تأويل مشكل القرآن : (٢١٩) ، تفسير الطبري : ٣ / ٢٣ ، خزانة الأدب : ٤ / ٤٧٨ ، الدر المصون : ١ / ٣٨٠.