أحدها : أن يكون المضاف عاملا عمل الفعل.
الثاني : أن يكون جزءا نحو : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) [الحجر : ٤٧].
الثالث : أن يكون كالجزء كهذه الآية ؛ لأن إبراهيم لما لازمها تنزلت منه منزلة الجزء.
والنحويون يستضعفون مجيئها من المضاف إليه ، ولو كان المضاف جزءا ، قالوا : لأن الحال لا بد لها من عامل ، والعامل في الحال هو العامل في صاحبها ، والعامل في صاحبها لا يعمل عمل الفعل ، ومن جوز ذلك قدر العامل فيها معنى اللام ، أو معنى الإضافة ، وهما عاملان في صاحبها عند هذا القائل.
ولم يذكر الزمخشري غير هذا الوجه وشبهه بقولك : «رأيت وجه هند قائمة» ، وهو قول الزجاج.
الثاني : نصبه بإضمار فعل ، أي : نتبع حنيفا وقدره أبو البقاء ب «أعني» ، وهو قول الأخفش الصغير ، وجعل الحال خطأ.
الثالث : أنه منصوب على القطع ، وهو رأي الكوفيين ، وكان الأصل عندهم : إبراهيم الحنيف ، فلما نكره لم يمكن إتباعه ، وقد تقدم تحرير ذلك.
الرابع ، وهو المختار : أن يكون حالا من «ملّة» فالعامل فيه ما قدّرناه عاملا فيها ، وتكون حالا لازمة ؛ لأن الملة لا تتغير عن هذا الوصف ، وكذلك على القول بجعلها حالا من «إبراهيم» ؛ لأنه لم ينتقل عنها.
فإن قيل : صاحب الحال مؤنث ، فكان ينبغي أن يطابقه التأنيث ، فيقال : حنيفة.
فالجواب من وجهين :
أحدهما : أن «فعيلا» يستوي فيه المذكر والمؤنث.
والثاني : أن الملّة بمعنى الدين ، ولذلك أبدلت منه في قوله : (دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [الأنعام : ١٦١] ذكر ذلك ابن الشّجريّ في «أماليه».
و «الحنف» : الميل ، ومنه سمي الأحنف ؛ لميل إحدى قدميه بالأصابع إلى الأخرى ؛ قالت أمّه : [الرجز]
__________________
ـ كان عاملا في المضاف إليه بسبب شبهة للفعل ؛ لكونه مصدرا أو اسم فاعل ، كان كذلك عاملا في الحال ، فيتّحد العامل في الحال والعامل في صاحبه الذي هو المضاف إليه ، وإن كان المضاف جزء المضاف إليه ، أو مثل جزئه ، كان المضاف والمضاف إليه جميعا كالشيء الواحد ، فيصير في هاتين الحالتين كأن صاحب الحال هو نفس المضاف ، فالعامل فيه هو العامل في الحال. انظر همع الهوامع : (١ / ٢٤٠) ، منهج السالك : (١٩٣) ، التصريح على التوضيح : (١ / ٣٨٠) ، شرح ابن عقيل : (١ / ٦٤٤).