ففائدة تغيير الترتيب الإشارة إلى هذين الصنفين.
فصل في سبب نزول الآية
ذكروا أن سبب هذه الآية أن بني إسرائيل قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة : ١٨] وأبناء أنبيائه ، وسيشفع لنا آباؤنا ، فأعلمهم الله ـ تعالى ـ عن يوم القيامة أنه لا تقبل فيه الشفاعات ، ولا يؤخذ فيه فدية.
وإنما خصّ الشّفاعة والفدية والنصر بالذّكر ، لأنها هي المعاني التي اعتادها بنو آدم في الدنيا ، فإنّ الواقع في الشّدّة لا يتخلّص إلا بأن يشفع له ، أو يفتدى ، أو ينصر.
فصل في الشفاعة
أجمعت الأمّة على أنّ الشفاعة في الآخرة لمحمد صلىاللهعليهوسلم ثم [اختلفوا في](١) أن شفاعته ـ عليه الصلاة والسلام ـ [لمن](٢) تكون أي للمؤمنين المستحقّين للثواب أم لأهل الكبائر المستحقين للعقاب؟
فذهب المعتزلة إلى أنها للمستحقّين للثواب ، وتأثير الشفاعة زيادة المنافع على ما استحقّوه.
وقال أصحابنا : تأثيرها في إسقاط العقاب عن المستحقّين العقاب بأن يشفع لهم في عرصة القيامة حتى لا يدخلوا النار ، فإن دخلوا النار ، فيشفع لهم حتى يخرجوا منها ويدخلوا الجنة ..
واتفقوا على أنها ليست للكفار.
قوله تعالى : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)(٤٩)
«إذ» في موضع نصب عطفا على «نعمتي» ، وكذلك الظّروف التي بعده نحو : (وَإِذْ واعَدْنا) [البقرة : ٥١] ، (وَإِذْ قُلْتُمْ) [البقرة : ٥٥]. وقرىء (٣) : [أنجيتكم](٤) على التوحيد.
وهذا الخطاب للموجودين في زمن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولا بدّ من حذف مضاف ، أي : أنجينا آباءكم ، نحو : (حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) [الحاقة : ١١] ؛ لأن إنجاء الآباء سبب في وجود الأبناء ، وأصل الإنجاء والنّجاة : الإلقاء على نجوة من الأرض ،
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) قرأ بها النخعي. انظر البحر المحيط ١ / ٣٥٠ ، والشواذ : ٥.
(٤) في ب : نجيتكم.