أحدها : أنها زائدة كهي في قوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) [البقرة : ١٩٥] وقوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ) [مريم : ٢٥] ؛ وقوله : [البسيط]
٨١٤ ـ .......... |
|
سود المحاجر لا يقرأن بالسّور (١) |
والثاني : أنها بمعنى «على» ، أي : فإن آمنوا على مثل إيمانكم بالله.
والثالث : أنها للاستعانة كهي في «نجرت بالقدّوم» ، و «كتبت بالقلم» ، والمعنى : فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم. وعلى هذه الأوجه ، فيكون المؤمن به محذوفا ، و «ما» مصدرية ، والضمير في «به» عائدا على الله ـ تعالى ـ والتقدير : فإن آمنوا بالله إيمانا مثل إيمانكم به ، و «مثل» هنا فيها قولان :
أحدهما : أنها زائدة ، والتقدير : بما آمنتم به ، وهي قراءة عبد الله (٢) بن مسعود ، وابن عباس [وذكر البيهقي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لا تقولوا بمثل ما آمنتم به ، فإن الله ـ تعالى ـ ليس له مثل (٣) ، ولكن قولوا بالذي آمنتم به ، وهذا يروى قراءة أبيّ](٤) ونظيرها في الزيادة قول الشاعر : [السريع أو الرجز]
٨١٥ ـ فصيّروا مثل كعصف مأكول (٥)
وقال بعضهم : هذا من مجاز الكلام تقول : هذا أمر لا يفعله مثلك ، أي : لا تفعله أنت.
والمعنى : فإن آمنوا بالذي آمنتم به ، نقله ابن عطية ، وهو يؤول إلى إلغاء «مثل» وزيادتها.
والثاني : أنها ليست بزائدة ، والمثليّة متعلقة بالاعتقاد ، أي : فإن اعتقدوا بمثل اعتقادكم ، أو متعلقة بالكتاب ، أي : فإن آمنوا بكتاب مثل الكتاب الذي آمنتم به ، والمعنى : فإن آمنوا بالقرآن الذي هو مصدق لما في التوراة والإنجيل ، وهذا التأويل ينفي زيادة «الباء».
قال ابن الخطيب (٦) رحمهالله تعالى : وفيها وجوه ، وذكر في بعضها أن المقصود
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ١١٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٥٨) وزاد نسبته لابن أبي حاتم والبيهقي في «الأسماء والصفات» عن ابن عباس.
(٢) سقط في ب.
(٣) عجز بيت للقتال الكلابي ، وصدره :
هن الحرائر لا ربات أحمرة
ينظر ديوانه : (٥٣) ، مجالس ثعلب : ١ / ٣٠١ ، المغني : ١ / ٢٩ ، الخزانة : ٣ / ٦٦٧ ، المخصص : ١٤ / ٧٠ ، الجنى الداني : (٢١٧) ، الدر المصون : ١ / ٣٨٦.
(٤) انظر الشواذ : ١٠ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٢١٦ ، والبحر المحيط : ١ / ٥٨١ ، والدر المصون : ١ / ٣٨٦.
(٥) تقدم برقم (٢٢٤).
(٦) ينظر الفخر الرازي : ٤ / ٧٦.