فسيكفيك شقاقهم ؛ لأن الذوات لا تكفى إنما تكفى أفعالها ، والمكفي به محذوف ، أي : بمن يهديه الله ، أو بتفريق كلمتهم.
[ولقد كفى بإجلاء بني النضير ، وقتل بني قريظة ، وبني قينقاع ، وضرب الجزية على اليهود والنصارى](١).
قوله : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي : السميع لأقوالهم ، العليم لأحوالهم.
وقيل : السميع لدعائك العليم بنيتك ، فهو يستجيب لك ويوصلك لمرادك. [وروي أن عثمان ـ رضي الله تعالى عنه ـ كان يقرأ في المصحف ، فقتل فقطرت نقطة من دمه على قوله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ).
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشرف وكرم وبجل وعظم ، قد أخبره بذلك (٢)](٣).
والكاف والهاء والميم في موضع نصب مفعولان ؛ ويجوز في غير القرآن الكريم : «فسيكفيك».
فصل في الكلام على سمع الله وعلمه
واحتجوا بقوله تعالى : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) على أن سمعه تعالى زائد على علمه بالمسموعات ، وإلا يلزم التكرار ، وهو غير جائز ، فوجب أن يكون صفة كونه تعالى سميعا أمرا زائدا على وصفه بكونه عليما.
قوله تعالى : (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ)(١٣٨)
قرأ الجمهور «صبغة» بالنصب.
وقال الطبري رحمهالله : من قرأ (٤) : «ملّة إبراهيم» بالرفع قرأ «صبغة» بالرفع (٥) وقد تقدم أنها قراءة ابن هرمز ، وابن أبي عبلة.
فأما قراءة الجمهور ففيها أربعة أوجه :
أحدها : أن انتصابها انتصاب المصدر المؤكد ، وهذا اختاره الزمخشري ، وقال : «هو الذي ذكره سيبويه ، والقول ما قالت حذام» انتهى قوله.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) أخرجه الحاكم (٣ / ١٠٣) وسكت عنه ورده الذهبي بقوله : كذب بحت وفي الإسناد أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجعفي وهو المتهم به.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٥٩) عن أبي سعيد مولى بني أسد وعزاه لابن أبي داود في «المصاحف» وأبي القاسم بن بشران في أماليه ، وأبي نعيم في المعرفة وابن عساكر.
وذكره أيضا (١ / ٢٥٩) عن نافع بن أبي نعيم بمعناه ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) سقط في ب.
(٤) سبق تخريج هذه القراءة.
(٥) قراءة الرفع على أنها خبر المبتدأ محذوف ، أي : ذلك الإيمان صبغة الله. ينظر البحر المحيط : ١ / ٥٨٤.