فصل في السوء الذي ضرب على بني إسرائيل
قال «محمد بن إسحاق» : جعلهم خولا وخدما له ، وصنفهم في [أعماله](١) فصنف يبنون ، وصنف يحرثون ، وصنف يزرعون ، وصنف يخدمونه ، ومن لم يكن في فرع من أعماله ، فإنه يضع عليه جزية يؤديها.
وقال «السّدي» : جعلهم في الأعمال الصّعبة الشديدة مثل : كنس المبرز ، وعمل الطّين ، ونحت الجبال.
قوله : (يُذَبِّحُونَ) هذه الجملة يحتمل أن تكون مفسّرة للجملة قبلها ، وتفسيرها لها على وجهين :
أحدهما : أن تكون مستأنفة ، فلا محلّ لها حينئذ من الإعراب ، كأنه قيل : كيف كان سومهم العذاب؟ فقيل : يذبحون.
الثاني : أن تكون بدلا منها ؛ كقوله : [الطويل]
٤٧٦ ـ متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا |
|
..........(٢) |
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) [الفرقان : ٦٨] ، ولذلك ترك العاطف ، ويحتمل أن تكون حالا ثانية ، لا على أنها بدل من الأولى.
وذلك على رأي من يجوز تعدد الحال وقد منع «أبو البقاء» هذا الوجه محتجا بأن الحال تشبه المفعول به ، ولا يعمل العامل في مفعولين على هذا الوصف ، وهذا بناء منه على أحد القولين ، ويحتمل أن تكون حالا من فاعل «يسومونكم».
وقرىء (٣) : «يذبحون» بالتخفيف ، والأولى قراءة الجماعة ؛ لأن الذبح متكرر.
فإن قيل : لم لم يؤت هنا بواو العطف كما أتي بها في سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟
فالجواب : أنه أريد هنا التّفسير كما تقدّم ، وفي سورة إبراهيم معناه : يعذّبونكم بالذّبح وبغير الذّبح.
وقيل : يجوز أن تكون «الواو» زائدة ، فتكون كآية «البقرة» ؛ واستدلّ هذا القائل على زيادة الواو بقوله : [الطويل]
٤٧٧ ـ فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى |
|
..........(٤) |
__________________
(١) في ب : الأعمال.
(٢) تقدم برقم (١٨٣).
(٣) قرأ بها الزهري وابن محيصن.
انظر البحر المحيط : ١ / ٣٥١ ، والدر المصون : ١ / ٢١٩ ، والقرطبي : ١ / ٢٦٢ ، وإتحاف : ١ / ٣٩٠.
(٤) صدر بيت لامرىء القيس من معلقته المشهورة وعجزه :
بنا بطن حقف ذي قفاف عقنقل