وكل ذلك وجه.
وقيل : و (مِنْ رَبِّكُمْ) متعلّق ب (بَلاءٌ ،) و (مِنْ) لابتداء الغاية مجازا.
وقال أبو البقاء : هو في موضع رفع صفة ل «بلاء» ، فيتعلّق بمحذوف. وفي هذا نظر ، من حيث إنه إذا اجتمع صفتان ، إحداهما صريحة ، والأخرى مؤولة ، قدّمت الصريحة ، حتى إن بعض الناس يجعل ما سواه ضرورة ، و «عظيم» صفة ل «بلاء» وقد تقدم معناه مستوفى [في أول السورة](١).
قوله تعالى : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)(٥٠)
«إذ» في موضع نصب ، و «الفرق» [والفلق](٢) واحد ، وهو الفصل والتمييز ، ومنه: (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) [الإسراء : ١٠٦] أي : فصّلناه وميّزناه بالقرآن والبيان.
والقرآن فرقان لتمييزه بين الحق والباطل.
وقرأ الزّهري (٣) : «فرّقنا» بتشديد الراء. أي : جعلناه فرقا.
قوله : «بكم» الظاهر أن الباء على بابها من كونها داخلة على الآلة ، فكأنه فرق بهم كما يفرق بين الشّيئين بما توسّط بينهما.
وقال أبو البقاء : ويجوز أن تكون المعدية كقولك : «ذهبت بزيد» ، فيكون التقدير : أفرقناكم البحر ، ويكون بمعنى : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ) [الأعراف : ١٣٨]. وهذا أقرب من الأول.
ويجوز أن تكون الباء للسببية أي : بسببكم ، ويجوز أن تكون للحال من «البحر» أي : فرقناه ملتبسا بكم ، ونظره الزمخشري بقوله : : [الوافر]
٤٨١ ـ .......... |
|
تدوس بنا [الجماجم](٤) والتّريبا (٥) |
أي : تدوسها ونحن راكبوها.
قال أبو البقاء : أي : فرقنا البحر وأنتم به ، فيكون إما حالا مقدرة أو مقارنة ، ولا حاجة إلى ذلك ؛ لأنه لم يكن مفروقا إلا بهم حال كونهم سالكين فيه.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : والفالق.
(٣) انظر البحر المحيط : ١ / ٣٥٥ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٤١ ، والقرطبي : ١ / ٢٦٤.
(٤) في أ : الجماعة.
(٥) عجز بيت للمتنبي وصدره :
فمرت غير نافرة عليهم
ينظر ديوانه : ١ / ٢٦٥ ، البحر المحيط : ١ / ٣٥٥ ، حاشية القطب على الكشاف : ٢ / ١٠٧١ ، الكشاف : ٤ / ٣٨٨ ، والدر المصون : ١ / ٢٢١