و «ليلة» نصب على التّمييز ، والعقود التي هي من عشرين إلى تسعين ، وأحد عشر إلى تسعة عشر كلها تميز بواحد منصوب.
و «موسى» هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهت بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، اسم أعجمي غير منصرف ، وهو في الأصل على ما يقال مركّب والأصل : موشى ـ بالشين ـ لأن «ماء» بلغتهم يقال له : «مو» والشّجر يقال له : «شا» فعربته العرب فقالوا : موسى.
قالوا : إنما سمي به ؛ لأن أمه جعلته في التّابوت حين خافت عليه من فرعون ، وألقته في البحر ، فدفعته أمواج البحر حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون ، فخرجت جواري آسية امرأة فرعون يغسلن فوجدن التّابوت ، فأخذنه فسمي عليه الصلاة والسلام باسم المكان الّذي أصيب فيه وهو الماء والشجر ، وليس لموسى اسم النّبيّ عليه الصلاة والسلام اشتقاق ؛ لأنه أعجمي ؛ لأن بني إسرائيل والقبط ما كانوا يتكلّمون بلغة العرب.
ومنهم من قال : إنه مشتق ، واختلفوا في اشتقاقه ، فقيل : هو «مفعل» (١) من أوسيت رأسه : إذا حلقته فهو موسى ، ك «أعطيته فهو معطى» ، فمن جعل اسمه عليه مشتقا قال : إنما سمي بذلك لصلعه.
وقيل : مشتق من «ماس ـ يميس» أي : يتبختر في مشيته ويتحرك ، فهو «فعلى» وكان عليه الصلاة والسلام كذلك ، فقلبت الياء واوا لانضمام ما قبلها ك «موقن» من «اليقين».
والصحيح الأول ، وهذا الاشتقاق إنما هو في موسى آلة الحلق.
فصل في قصة موسى بعد نجاة قومه
ذكر المفسرون أن موسى ـ عليه الصلاة والسّلام ـ قال لبني إسرائيل : إن خرجنا من البحر سالمين آتيكم بكتاب من عند الله يبيّن لكم فيه ما يجب عليكم من الفعل والتّرك ، فلما جاوز البحر ، وأغرق الله فرعون قالوا : يا موسى ائتنا بذلك الكتاب الموعود ، فخرج إلى الطّور في سبعين من [أخيار](٢) بني إسرائيل ، وصعدوا الجبل ، وواعدهم إلى تمام أربعين ليلة ، فعدوا فيما ذكر المفسرون عشرين يوما وعشرين ليلة ، وقالوا : قد [أخلفنا](٣) موعده. فاتّخذوا العجل.
وقال أبو العالية : «بلغنا أنه لم يحدث حدثا في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور».
فإن قيل : لم خصّ الليالي بالذّكر دون الأيّام؟
قيل : لأن الليلة أسبق من اليوم فهي قبله في الرتبة وقع بها التاريخ ، فاللّيالي أول
__________________
(١) في أ : مشتق.
(٢) في ب : خيار.
(٣) في أ : خلفنا.