والثانية : ثبوت الياء ساكنة.
الثالثة : ثبوتها مفتوحة.
الرابعة : قلبها ألفا.
الخامسة : حذف هذه الألف ، والاجتزاء عنها بالفتحة ؛ كقوله : [الوافر]
٤٩٥ ـ ولست براجع ما فات منّي |
|
بلهف ولا بليت ولا لو انّي (١) |
أي يقول : يا لهفا.
السّادسة : بناء المضاف إليها على الضّمّ تشبيها بالمفرد ، نحو قراءة من قرأ (٢) : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) [الأنبياء : ١١٢].
قال بعضهم : لأن «يا قوم» في تقدير : يا أيها القوم والقوم : اسم جمع ؛ لأنه دالّ على أكثر من اثنين ، وليس له واحد من لفظه ، ولا هو على صيغة مختصّة بالتكسير ، ومفرده «رجل» ، واشتقاقه من «قام بالأمر يقوم به» ، قال تعالى (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) [النساء : ٣٣] والأصل في إطلاقه على الرجال ؛ ولذلك قوبل بالنّساء في قوله تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ).
وقول زهير : [الوافر]
٤٩٦ ـ وما أدري وسوف إخال أدري |
|
أقوم آل حصن أم نساء (٣) |
وأما قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) [الشعراء : ١٠٥] و (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ) [الشعراء : ١٦٠] والمكذبون رجال ونساء فإنما ذلك من باب التّغليب ، ولا يجوز أن يطلق على النّساء وحدهن ألبتة ، وإن كانت عبادة بعضهم توهم ذلك.
فصل في نظم الآية
في قوله : (يا قَوْمِ) لطيفة ، وهي أنه أضاف القوم إلى نفسه ، وأضاف نفسه إليهم إضافة اختلاط ، وامتزاج ، فكأنه منهم [وهم](٤) منه فصارا كالجسد الواحد فهو مقيد لهم ما يريد لنفسه ، وإنما يضرهم ما يضره وما ينفعهم ينفعه كقول القائل لغيره إذا نصحه : ما أحبّ لك إلا ما أحبّ لنفسي وذلك إشارة إلى استمالة قلوبهم إلى قبول دعواه ، وطاعتهم له فيما أمرهم به ، ونهاهم عنه.
__________________
(١) ينظر البيت في أمالي ابن الشجري : ٢ / ٧٤ ، الممتع : (٦٢٢) ، المحتسب : ١ / ٣٢٣ ، العيني : ٤ / ٢٤٨ ، الخزانة : ١ / ٦٣ ، رصف المباني : ٢٨٨ ، الإنصاف : ٣٩٠ ، الدرر : ٢ / ٦٩ ، اللسان «ركب» ، روح المعاني : ١٢ / ٥٨ ، والدر المصون : ١ / ٢٢٦.
(٢) ستأتي في «الأنبياء» آية (١١٢).
(٣) ينظر ديوانه : (٧٣) ، الهمع : ١ / ١٥٣ ، والدرر : ١ / ١٣٦ ، والدر المصون : ١ / ٢٢٦.
(٤) في ب : وهو.